للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها قَدْ أَحاطَ اللهُ بِها وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً (٢١)}

الشرح: {وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها:} وعدكم الله فتح بلدة أخرى لم تقدروا عليها. {قَدْ أَحاطَ اللهُ بِها} يعني: حفظها لكم؛ حتى تفتحوها، ومنعها من غيركم؛ حتى تأخذوها. وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: علم الله: أنه يفتحها لكم. واختلفوا فيها، فقال ابن عباس: هي فارس، والروم، وما كانت العرب تقدر على قتال فارس، والروم، بل كانوا خولا لهم؛ حتى أقدرهم الله عليهم بشرف الإسلام وعزّته. وقيل: هي خيبر، وعدها الله نبيه صلّى الله عليه وسلّم، قبل أن يصيبها، ولم يكونوا يرجونها، ففتحها الله لهم. وقيل: هي مكة، وقيل: هوازن. وقيل: هو كل فتح فتحه المسلمون، أو يفتحونه إلى آخر الزمان. {وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً:} لأن قدرته ذاتية، لا تختصّ بشيء دون شيء، فهو القادر أن يمنح المسلمين الصادقين فتح القرى، والبلدان، والعزة والكرامة، وعلو الشأن ما لا يقدر عليه غيره. ولا تنس: أنّ (كان) للاستمرار، انظر الاية رقم [٥] وانظر شرح {أُخْرى} في سورة (النجم) الاية رقم [١٣].

الإعراب: (أخرى): يجوز فيها أوجه: أحدها: أن تكون مرفوعة بالابتداء، و {لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها} صفتها، و {قَدْ أَحاطَ اللهُ بِها} خبرها. الثاني: أنّ الخبر محذوف مقدّر قبلها؛ أي: وثمّ أخرى، وعليه فالجملتان بعدها صفتان لها. الثالث: أن تكون منصوبة بفعل مضمر على شريطة التفسير، فيقدر الفعل من معنى المتأخر، وهو: {قَدْ أَحاطَ اللهُ بِها} أي: وقضى الله أخرى، وعليه فالجملة بعدها صفتها، والثانية لا محلّ لها؛ لأنها مفسرة. الرابع: أن تكون منصوبة بفعل مضمر، لا على شريطة التفسير، بل لدلالة السياق؛ أي: ووعدكم أخرى، أو وآتاكم أخرى، وعليه فالجملتان بعدها صفتان لها. الخامس: أن تكون مجرورة ب‍: «ربّ» مقدرة، وتكون الواو واو ربّ ذكره الزمخشري. وتكون الجملة بعدها صفتها، والثانية خبرها، أو صفة ثانية لها، والخبر محذوف. انتهى. جمل. نقلا عن السمين. بتصرف كبير مني. وفي القرطبي: (أخرى) معطوفة على {هذِهِ} أي: فعجّل لكم هذه المغانم، ومغانم أخرى... إلخ. وكلام أبي البقاء، ومكي داخل في الوجوه المتقدمة. هذا؛ وقال الجلال-رحمه الله تعالى-: {وَأُخْرى:} صفة:

{مَغانِمَ} مقدرا مبتدأ، وعليه تكون الجملة بعدها صفتها، والثانية خبرا.

{لَمْ:} حرف نفي، وقلب، وجزم. {تَقْدِرُوا:} مضارع مجزوم ب‍: {لَمْ} وعلامة جزمه حذف النون... إلخ، والواو فاعله، والألف للتفريق. {عَلَيْها:} متعلقان بما قبلهما. {قَدْ:}

حرف تحقيق يقرب الماضي من الحال. {أَحاطَ اللهُ:} ماض، وفاعله. {بِها:} متعلقان بما قبلهما، وانظر محل الجملتين فيما تقدم. {وَكانَ:} الواو: حرف استئناف. (كان): ماض ناقص.

{اللهُ:} اسمها. {عَلى كُلِّ:} متعلقان ب‍: {قَدِيراً} بعدهما، و {كُلِّ:} مضاف، و {شَيْءٍ}

<<  <  ج: ص:  >  >>