للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان المسلمون مسلمين صادقين؛ حيث فتحوا بلاد فارس، والروم في أقل من ثلاثين سنة، والتعبير بالماضي لتحقق الوقوع، وإنجاز الوعد. {فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ:} يعني مغانم خيبر، وفيه إشارة إلى كثرة الفتوحات، والغنائم التي يعطيهم الله عزّ وجل إياها في المستقبل، وإنما عجل لهم هذه كعجالة الراكب عجلها الله لهم. وهي في جنب ما وعدهم الله به من الغنائم كالقليل من الكثير.

{وَكَفَّ أَيْدِيَ النّاسِ عَنْكُمْ:} وذلك: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لما قصد خيبر، وحاصر أهلها؛ همّت قبائل من بني أسد، وغطفان أن يغيروا على عيال المسلمين، وذراريهم بالمدينة، فكفّ الله عزّ وجل أيديهم بإلقاء الرعب في قلوبهم. وقيل: المعنى: إن الله عزّ وجل كفّ أيدي أهل مكة بالصلح عنكم لتمام المنة عليكم. {وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ} يعني: ولتحصل لمن بعدكم آية تدلهم على أن ما وهبكم الله يحصل مثله لهم. وقيل: ولتكون آية للمؤمنين دالة على صدق الرسول صلّى الله عليه وسلّم في إخباره عن الغيوب، فيزدادوا يقينا إلى يقينهم، ويعلموا: أن الله هو المتولي حياطتهم، وحراستهم في مشهدهم، ومغيبهم. {وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً} أي: ويهديكم إلى دين الإسلام، ويثبتكم عليه، ويزيدكم بصيرة، ويقينا بما أنعم عليكم من صلح الحديبية، وفتح خيبر، ونحوهما، بسبب انقيادكم لأمر الله، واتباعكم طاعته، وموافقتكم رسوله صلّى الله عليه وسلّم.

الإعراب: {وَعَدَكُمُ:} ماض، ومفعوله الأول. {اللهُ:} فاعل. {مَغانِمَ:} مفعول به ثان.

{كَثِيرَةً:} صفة: {مَغانِمَ}. {تَأْخُذُونَها:} مضارع مرفوع، والواو فاعله، و (ها): مفعول به، والجملة الفعلية صفة: {مَغانِمَ،} أو حال منها، كما في الاية السابقة، وجملة: {وَعَدَكُمُ..}.

إلخ، مستأنفة، لا محلّ لها. {فَعَجَّلَ:} الفاء: حرف عطف. (عجل): فعل ماض، والفاعل يعود إلى (الله). {لَكُمْ:} متعلقان بالفعل قبلهما، وهما مفعوله الثاني. {هذِهِ:} اسم إشارة مبني على الكسرة في محل نصب مفعوله الأول، والهاء حرف تنبيه، لا محلّ له، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محلّ لها مثلها. {وَكَفَّ:} الواو: حرف عطف. (كف): ماض، وفاعله يعود إلى (الله) أيضا. {أَيْدِيَ:} مفعول به أول، وهو مضاف، و {النّاسِ} مضاف إليه.

{عَنْكُمْ:} متعلقان بالفعل قبلهما، وهما في محل نصب مفعوله الثاني، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محلّ لها أيضا. {وَلِتَكُونَ:} الواو: مقحمة عند الكوفيين، وعاطفة عند البصريين. (لتكون): فعل مضارع ناقص منصوب ب‍: «أن» مضمرة بعد لام التعليل، واسمها ضمير مستتر تقديره: «هو» يعود إلى الكلام السابق، التقدير: ولتكون المعجلة، أو لتكون هزيمتهم، وسلامتكم. {آيَةً:} خبر (تكون). {لِلْمُؤْمِنِينَ:} متعلقان بمحذوف صفة: {آيَةً،} و «أن» المضمرة والفعل (تكون) في تأويل مصدر في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بالفعل: (عجل)، أو: (كف) عند الكوفيين، والواو زائدة، والجار والمجرور معطوفان على محذوف عند البصريين، التقدير: {وَكَفَّ أَيْدِيَ النّاسِ عَنْكُمْ} لتشكروه، {وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً:} انظر الاية رقم [٢].

<<  <  ج: ص:  >  >>