للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاعله، والجملة الفعلية في محل نصب خبر: {كانُوا،} والجملة الفعلية صلة (ما) أو صفتها، والعائد أو الرابط محذوف، التقدير: ينبئهم الله بالذي، أو: بشيء كانوا يصنعونه، وعلى اعتبارها مصدرية تؤوّل مع الفعل بعدها بمصدر في محل جر بالباء، التقدير: ينبئهم الله بصنعهم، والجملة الفعلية هذه مستأنفة لا محلّ لها.

{يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ (١٥)}

الشرح: {يا أَهْلَ الْكِتابِ:} يعمّ اليهود، والنصارى. {قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا:} محمد صلّى الله عليه وسلّم، {يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ} أي: من كتبكم من الإيمان بمحمد صلّى الله عليه وسلّم، ومن آية الرّجم، ومن قصّة أصحاب البقرة، ومن قصّة أصحاب السّبت؛ الّذين مسخوا قردة؛ وخنازير، فإنّهم كانوا يخفونها. {وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ} أي: يتركه، ولا يبيّنه، وإنّما يبين ما فيه حجّة على نبوّته، ودلالة على صدقه، وشهادة برسالته، ويترك ما لم يكن به حاجة إلى تبيينه. وقيل: المعنى: يتجاوز عن كثير، فلا يخبركم به.

ذكر: أنّ رجلا من أحبار اليهود جاء إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فسأله، فقال: يا هذا عفوت عنّا؟ فأعرض عنه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولم يبيّن. وإنّما أراد اليهودي أن يظهر مناقضة كلامه، فلمّا لم يبيّن له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قام من عنده، فذهب، وقال لأصحابه: أرى أنّه صادق فيما يقول؛ لأنّه كان وجد في كتابه: أنّه لا يبين له ما سأل عنه. وفي إظهار ما يخفونه معجزة ظاهرة للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم؛ لأنّه لم يقرأ كتابهم، ولم يعلم ما فيه إلا ما علّمه ربّه منه.

هذا؛ و: (أهل) اسم جمع، لا واحد له من لفظه، مثل: معشر، ورهط، ونفر... إلخ، والأهل: العشيرة، وذو القربى، ويطلق على الزوجة، والأولاد، وعلى الأتباع أيضا، وجمعه:

أهلون، وأهال، وآهال، وأهلات، وأهلات، وبالأولين قرئ قوله تعالى في سورة (التّحريم):

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النّاسُ وَالْحِجارَةُ..}. إلخ.

هذا، و (الكتاب) في اللغة: الضمّ، والجمع، وسمّيت الجماعة من الجيش كتيبة لاجتماع أفرادها على رأي واحد، وخطّة واحدة، كما سمّي الكاتب كاتبا؛ لأنّه يضمّ الكلام بعضه إلى بعض، ويجمعه ويرتّبه، وفي الاصطلاح: هو اسم لجملة مختصّة من العلم، مشتملة على أبواب، وفصول، ومسائل غالبا. وقد أكثر الشعراء في مدح الكتاب، ومنه قول القائل: [الطويل]

لنا جلساء ما يملّ حديثهم... ألبّاء مأمونون غيبا ومشهدا

<<  <  ج: ص:  >  >>