للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من يجوز عطف الإنشاء على الخبر، وابن هشام يعتبرها للسببية المحضة، وأراها وأمثالها الفصيحة؛ لأنها تفصح عن شرط مقدر، التقدير: وإذا كان ما ذكر واقعا، وحاصلا؛ فلا... إلخ. (لا): ناهية جازمة. {يَغْرُرْكَ:} فعل مضارع مجزوم ب‍: (لا) وقد فك المضعف، ويجوز عدم فكه؛ وقد قرئ به، ولكن الفك أفصح، والكاف مفعول به. {تَقَلُّبُهُمْ:} فاعل، والهاء في محل جر بالإضافة من إضافة المصدر لفاعله. {فِي الْبِلادِ:} متعلقان بالمصدر، والجملة الفعلية لا محل لها على جميع الوجوه المعتبرة في الفاء.

{كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ (٥)}

الشرح: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ} أي: قبل قريش. {قَوْمُ نُوحٍ:} مرت قصة نوح مع قومه مفصلة في كثير من السور. {وَالْأَحْزابُ مِنْ بَعْدِهِمْ} أي: مثل: قوم هود، وقوم صالح، وقوم إبراهيم... إلخ، وانظر شرح {الْأَحْزابُ} في الآية رقم [١١] من سورة (ص). {وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ:} قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: ليقتلوه، ويهلكوه. وقيل: ليأسروه، والأخذ يرد بمعنى: الإهلاك، كقوله تعالى في سورة (فاطر) رقم [٢٦]: {ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ} والعرب تسمي الأسير: الأخيذ؛ لأنه مأسور للقتل، وأنشد قطرب قول الشاعر: [الوافر]

فإمّا تأخذوني تقتلوني... وكم من واحد يهوى خلودي

وفي وقت أخذهم لرسولهم قولان: أحدهما: عند دعائه لهم. الثاني: عند نزول العذاب بهم. {وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ} أي: ليزيلوا. ومنه: مكان دحض؛ أي: مزلقة، والباطل داحض؛ لأنه يزلق ويزل فلا يستقر. {فَأَخَذْتُهُمْ} أي: فأهلكتهم إهلاكا مريعا. {فَكَيْفَ كانَ عِقابِ} أي: عقابي، وإهلاكي لهؤلاء المكذبين، أليس وجدوه حقا، وعاينوه في ذهابهم، وإيابهم إلى بلاد الشام؟!

الإعراب: {كَذَّبَتْ:} فعل ماض، والتاء للتأنيث. {قَبْلَهُمْ:} ظرف زمان متعلق بما قبله.

وقيل: متعلق بمحذوف حال. ولا وجه له. والهاء في محل جر بالإضافة. {قَوْمُ:} فاعله، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها، و {قَوْمُ} مضاف، و {نُوحٍ} مضاف إليه، والمفعول محذوف، التقدير: كذبت قوم نوح نوحا. {وَالْأَحْزابُ:} معطوف على: {قَوْمُ}. {مِنْ بَعْدِهِمْ:} متعلقان بمحذوف حال من (الأحزاب)، والهاء في محل جر بالإضافة. {وَهَمَّتْ:}

فعل ماض، والتاء للتأنيث. {كُلُّ:} فاعله، و {كُلُّ} مضاف، و {أُمَّةٍ} مضاف إليه، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها. {بِرَسُولِهِمْ:} متعلقان بالفعل قبلهما، والهاء في محل جر بالإضافة.

<<  <  ج: ص:  >  >>