قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ليس على أهل لا إله إلاّ الله وحشة في قبورهم، ولا في نشورهم، وكأني بأهل لا إله إلاّ الله يخرجون من قبورهم، وهم ينفضون التراب عن رءوسهم، ويقولون:
الحمد لله الذي أذهب عنّا الحزن». هذا؛ ويقرأ:(الحزن) بضم الحاء وسكون الزاي. وقراءة حفص بفتحتين. {إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ:} انظر الآية رقم [٣٠]. ولا تنس: أن التعبير بالماضي بقوله تعالى: {وَقالُوا..}. إلخ إنما هو لتحقق وقوعه. وانظر سورة (سبأ) رقم [١].
الإعراب:{وَقالُوا:} الواو: حرف عطف. (قالوا): ماض وفاعله، والألف للتفريق.
{الْحَمْدُ:} مبتدأ. {لِلّهِ:} متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول. {الَّذِي:} اسم موصول مبني على السكون في محل جر صفة لفظ الجلالة.
{أَذْهَبَ:} ماض، وفاعله يعود إلى {الَّذِي}. {عَنَّا:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما.
{الْحَزَنَ:} مفعول به، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها. {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {رَبَّنا:} اسم {إِنَّ،} و (نا): في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {لَغَفُورٌ:} اللام: هي المزحلقة. (غفور شكور): خبران ل: {إِنَّ،} والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول، وجملة:{وَقالُوا الْحَمْدُ لِلّهِ..}. إلخ معطوفة على جملة {يَدْخُلُونَها..}. إلخ، وساغ ذلك؛ لأن الفعل بمعنى:«يقولون»، وإن اعتبرتها مستأنفة؛ فلست مفندا.
الشرح:{الَّذِي أَحَلَّنا:} أنزلنا. {دارَ الْمُقامَةِ:} الجنة التي جعلها الله لعباده المؤمنين مقرا، ومسكنا لا يتحولون عنها. والمقامة والإقامة، والمقام بمعنى واحد. {مِنْ فَضْلِهِ:} من كرمه، وجوده، ومنّه، وإحسانه، لا بالاستحقاق بالأعمال؛ لأن أعمالنا لا تساوي ذلك. وقد قال النبي صلّى الله عليه وسلّم:«لن يدخل أحدا عمله الجنّة». قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟! قال:«ولا أنا؛ إلاّ أن يتغمّدني الله بفضله، ورحمته، فسدّدوا، وقاربوا... إلخ». أخرجه البخاري بطوله عن أبي هريرة. وهذا الحديث لا يتعارض مع قوله تعالى في الآية رقم [٤٣] من سورة (الأعراف):
{وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} ومثلها في (الزخرف) رقم [٧٢] فإن دخول الجنة بفضل الله ورحمته، وانقسام المنازل، والدرجات بالأعمال.
{لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ} أي: لا يصيبنا مشقة، ولا تعب. {وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ} أي: لا ينالنا فيها إعياء، ولا ضعف من التعب، فالله سبحانه وتعالى يبين في هذه الآية: أن الجنة خالية من تعب الأبدان، وكدّ الأذهان، فهم في راحة، واطمئنان، وسرور، لا يكدره هموم، وأحزان، {وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ} وانظر سورة (الزمر) رقم [٣٥].