للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا تنس: أن أول من اخترع السفينة (وهي الفلك) نوح، على نبينا، وشفيعنا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام. ومن تصميمها وشكلها أخذت البشرية تصنع السفن، وتتطور جيلا بعد جيل، حتى وصلت إلى ما وصلت إليه في العصر الحاضر. هذا؛ وقد كانت السفن في الزمن الماضي تسير بواسطة الرياح، وأما في أيامنا هذه؛ فإنها تسير بواسطة البخار، ففي الزمن الماضي، كان البحارون يلقون العناء إذا اضطرب البحر، أو عاكست الرياح مسير السفينة، وقد عبر المتنبي عن ذلك، بقوله: (وهو جار مجرى المثل): [البسيط] ما كلّ ما يتمنّى المرء يدركه... تأتي الرياح بما لا تشتهي السّفن

هذا؛ والذرية هي النّسل من بني آدم، وهي تقع على الجمع كما في قوله تعالى: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً،} وعلى الواحد كما في قوله تعالى حكاية عن قول زكريا-على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام-: {رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً}. قيل:

هي مشتقة من: «الذّرا» بفتح الذال، وهو كل ما استذريت به، يقال: أنا في ظل فلان، وفي ذراه، أي: في كنفه، وستره، وتحت حمايته. وهو بضم الذال: أعلى الشيء. وقيل: هي مشتقة من الذّرء، وهو الخلق، قال تعالى: {قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}. وقال تعالى:

{يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ}. أبدلت همزة الذّرء ياء، ثم شددت الياء، وتبعتها الراء في التشديد.

الإعراب: {وَآيَةٌ:} الواو: حرف استئناف. (آية): مبتدأ. {لَهُمْ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل رفع خبر مقدم. {أَنّا:} (أنّ): حرف مشبه بالفعل، و (نا): اسمها، حذفت نونها، وبقيت الألف دليلا عليها. {حَمَلْنا:} فعل، وفاعل.

{ذُرِّيَّتَهُمْ:} مفعول به، والهاء في محل جر بالإضافة. {فِي الْفُلْكِ:} متعلقان بالفعل قبلهما.

{الْمَشْحُونِ:} صفة، وجملة: {حَمَلْنا..}. إلخ في محل رفع خبر: (أنّ)، و (أنّ) واسمها، وخبرها في تأويل مصدر في محل رفع مبتدأ مؤخر. وهذا الإعراب هو فحوى كلام ابن هشام في المغني. وأجاز أبو البقاء اعتبار هذا المصدر خبرا لمبتدإ محذوف، التقدير: هي أننا... إلخ.

وقال مكي: المصدر المؤول مفسر ل‍: (آية). هذا؛ وأرى أنّ (آية) خبر مقدم، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف صفة: (آية). والمصدر المؤول في محل مبتدأ مؤخر، مثله: {وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ..}. إلخ، و {وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ..}. إلخ. ولا حاجة إلى هذه التأويلات. والجملة الاسمية معطوفة على الجملتين المذكورتين. تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.

{وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ (٤٢)}

الشرح: المعنى: خلقنا لأهل مكة، وللناس أجمعين مثل الفلك المذكورة. {ما يَرْكَبُونَ:}

من الإبل؛ لأن الله خلقها للركوب، وللحمل مثل السفن المركوبة في البحر، والعرب تشبه الإبل بالسفن، قال طرفة في معلقته رقم [٤]. [الطويل]

<<  <  ج: ص:  >  >>