للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مصدرية تؤول مع الفعل بمصدر في محل جر بالكاف، والجار والمجرور على الاعتبارين متعلّقان بمحذوف صفة لمصدر محذوف واقع مفعولا مطلقا.

التقدير: اذكروا الله ذكرا كائنا مثل الذي علمكموه. أو: كائنا مثل تعليمه إياكم.

وعلى التقدير الأوّل ثبت المفعول الثاني. تأمّل. هذا؛ وإن اعتبرت الكاف حرف تعليل؛ فالجار والمجرور متعلقان بالفعل قبلهما، ويكون التقدير: اذكروا الله لتعليمه إيّاكم، فيكون مثل قوله تعالى في الآية رقم [١٩٨]: {وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ}. ما: اسم موصول بدل من (ما) الأوّل على اعتبارها موصولة، ومفعول ثان للفعل (علم) على اعتبار الأولى مصدرية. {لَمْ:}

حرف نفي، وجزم. {تَكُونُوا:} مضارع ناقص مجزوم بلم، والواو اسمه، والألف للتفريق، وجملة: {تَعْلَمُونَ} مع المفعول المحذوف خبره، والجملة الفعلية صلة (ما)، والعائد محذوف، وهو مفعول: {تَعْلَمُونَ}.

{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِي ما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٤٠)}

الشرح: ذهب جماعة من المفسّرين في تأويل هذه الآية: أنّ المتوفى عنها زوجها كانت تجلس في بيت المتوفى عنها حولا، وينفق عليها من ماله ما لم تخرج من المنزل، فإن خرجت؛ لم يكن على الورثة جناح في قطع النفقة عنها، ثم نسخ الحول بالأربعة الأشهر، والعشر، ونسخت النفقة بالرّبع، والثّمن في سورة (النساء). قاله ابن عباس وغيره، قال البخاري: قال ابن الزبير-رضي الله عنه-: قلت لعثمان بن عفان-رضي الله عنه-: هذه الآية في البقرة: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً..}. إلخ؛ قد نسختها الآية رقم [٢٣٤]، فلم تكتبها، ولا تدعها؟! قال: يا بن أخي لا أغير شيئا منه من مكانه. فأجابه بأنّ هذا أمر توفيقي، لا يجوز تغييره، ولا إبداله. فأخزى الله الذين يقولون: إنّ عثمان حرّف القرآن، وغيّر فيه!.

فإن قلت: كيف نسخت الآية المتقدّمة المتأخرة؟ قلت: قد تكون الآية متقدّمة في التلاوة، وهي متأخرة في التنزيل، كقوله تعالى: {سَيَقُولُ السُّفَهاءُ} رقم [١٤٢] مع قوله تعالى: {قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ} رقم [١٤٤]. انتهى كشاف.

{وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ} أي: فيجب أن يعين لهنّ ما يكفيهن نفقة عام كامل من مال الزّوج المتوفّى. {غَيْرَ إِخْراجٍ:} قال عطاء رحمه الله: إن شاءت؛ اعتدت في بيت زوجها، وسكنت في وصيتها، وإن شاءت؛ خرجت، ولا وصية لها، لقول الله تعالى: {فَلا جُناحَ}

<<  <  ج: ص:  >  >>