الشرح:{وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ:} لقد فسر {الْحُبُكِ} بعدة تفاسير، وكلّها ترجع إلى شيء واحد، وهو: الحسن، والبهاء، كما قال ابن عباس-رضي الله عنهما-فإنها من حسنها مرتفعة شفافة صفيقة، شديدة البناء، متسعة الأرجاء، أنيقة البهاء، مكللة بالنجوم الثوابت، والسيارات، موشحة بالكواكب الزاهرات. هذا؛ وفي المختار: الحباك، والحبيكة: الطريقة في الرمل، ونحوه، وجمع الحباك:
حبك، وجمع الحبيكة: حبائك، ويقرأ (الحبك) بقراآت كثيرة، وانظر شرح {ذاتِ} في (الحديد)[٦]. {إِنَّكُمْ:} الخطاب لأهل مكة. {لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ} يعني: في القرآن، وفي محمد صلّى الله عليه وسلّم: أنه ساحر، وشاعر، وكاهن، ومجنون، فهو كقوله تعالى في سورة (ق) رقم [٥]: {فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ}.
{يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ:} يصرف عن الإيمان بالقرآن، أو بمحمد صلّى الله عليه وسلّم من صرف حتى يكذبه، وهو من حرمه الله الإيمان. وهذا الصرف لا صرف أشد منه، وأعظم، وإنه لا يصرف عن الإيمان إلا من سبق في علم الله أنه مأفوك عن الحق لا يهتدي ولا يرعوي، وهو بهذا المعنى من باب ضرب، ومصدره أفكا كضربا، وهو من الباب الرابع بمعنى كذب، ومصدره إفكا كعلما، ويغلب مجيء الأول بالبناء للمجهول وقد يجيء بالبناء للمعلوم، كما في قوله تعالى:{قالُوا أَجِئْتَنا لِتَأْفِكَنا عَنْ آلِهَتِنا} سورة (الأحقاف) رقم [٢٢] ومن مجيئه بمعنى الكذب قوله تعالى في سورة (الشعراء) رقم [٤٥]: {فَأَلْقى مُوسى عَصاهُ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ} انظر شرحها هناك تجد ما يسرك، والأفاك كثير الكذب، كما في سورة (الجاثية) رقم [٧]: {وَيْلٌ لِكُلِّ أَفّاكٍ أَثِيمٍ}.
الإعراب:{وَالسَّماءِ:} متعلقان بفعل محذوف، تقديره: أقسم، فهذا قسم ثان، وانظر تفصيل إعراب {وَالذّارِياتِ} فهو مثله. {ذاتِ:} صفة (السماء)، وهو مضاف، و {الْحُبُكِ:} مضاف إليه.
{إِنَّكُمْ:} حرف مشبه بالفعل، والكاف اسمها. {لَفِي:} اللام: هي المزحلقة. (في قول):
متعلقان بمحذوف خبر (إن). {مُخْتَلِفٍ:} صفة: {قَوْلٍ،} والجملة الاسمية جواب القسم لا محلّ لها والقسم وجوابه كلام مستأنف، لا محلّ له. {يُؤْفَكُ:} مضارع مبني للمجهول. {عَنْهُ:}
متعلقان به. {مَنْ:} اسم موصول مبني على السكون في محل رفع نائب فاعل. {أُفِكَ:} ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل تقديره:«هو»، يعود إلى:{مَنْ،} وهو العائد، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محلّ لها، وجملة:{يُؤْفَكُ..}. إلخ، مستأنفة، لا محلّ لها.