للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{أَكْفَرَهُ} وأصله: الدعاء بالقتل، والهلاك، ثم جرى مجرى: لعن، وقبح. و {الْخَرّاصُونَ:} الكذابون المقدّرون ما لا يصح، وهم أصحاب القول المختلف، و {الْخَرّاصُونَ} جمع: خراص مبالغة:

خارص. وقد خرص، يخرص بضم الراء؛ أي: كذب. يقال: خرص، واخترص، وخلق، واختلاق، وبشك، وابتشك، وسرج، واسترج، ومان، بمعنى: كذب حكاه النحاس. والخرص أيضا: حزر ما على النخل، والكرم من الرطب تمرا، ومن العنب زبيبا.

{الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ} أي: في غفلة، وعمى، وجهالة مطبقة. {ساهُونَ:} غافلون لاهون عن أمر الاخرة. والغمرة: ما ستر الشيء، وغطّاه، ومنه: نهر غمر؛ أي: يغمر من دخله، والغمرة هنا مراد بها: الحيرة، والغفلة، والضلالة، والجهالة، والغمرة في الأصل ما يغمرك، ويعلوك من ماء، ونحوه، فهي مستعارة لما في قلوبهم من كفر، ونحوه، ومنه: الغمر: الحقد؛ لأنه يغطي القلب. وهو بكسر الغين، وبفتحها: الماء الكثير؛ لأنه يغطي الأرض، وبضم الغين لمن لم يجرب الأمور؛ أي: فيه غباء، أو غباوة. وغمر الرداء الذي يشمل الناس بالعطاء، قال الشاعر في ممدوحه: [الكامل] غمر الرّداء إذا تبسّم ضاحكا... غلقت لضحكته رقاب المال

{يَسْئَلُونَ أَيّانَ يَوْمُ الدِّينِ} أي: يقولون: متى يوم الجزاء؟ استهزاء، وشكا في القيامة، والحساب، والجزاء. والكلام على حذف مضاف، التقدير: أيان وقوع يوم الدين؛ لأنّ الأحيان إنما تقع ظروفا للحدثان. {يَوْمَ هُمْ عَلَى النّارِ} أي: في النار. {يُفْتَنُونَ:} يحرقون، وهو من قولهم: فتنت الذهب؛ أي: أحرقته لتختبره، وأصل الفتنة: الامتحان، والاختبار، وهي بهذا المعنى كثيرة في القرآن الكريم، قال تعالى في سورة (الأنبياء) رقم [٣٥]: {كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ} وفي سورة (البروج) رقم [١٠] فضل زيادة.

{ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ} أي: يقال لهم: ذوقوا عذابكم. أو المعنى: ذوقوا جزاء تكذيبكم، وهو التحريق في نار الجحيم. {هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ} أي: هذا العذاب الذي كنتم تطلبون استعجاله استهزاء، وسخرية، وهو فحوى قوله تعالى في سورة (يس): {وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ} وكذا في كثير من السّور.

هذا؛ والذوق يكون محسوسا، ومعنى، وقد يوضع موضع الابتلاء، والاختبار، تقول: اركب هذا الفرس، فذقه؛ أي: اختبره، وانظر فلانا، فذق ما عنده، قال الشماخ يصف قوسا: [الطويل] فذاق فأعطته من اللّين جانبا... كفى ولها أن يغرق السّهم حاجز

وقد يعبر بالذوق عمّا يطرأ على النفس، وإن لم يكن مطعوما لإحساسها به، كإحساسها بذوق المطعوم، قال عمر بن أبي ربيعة المخزومي: [الطويل] فذق هجرها إن كنت تزعم أنّها... فساد ألا يا ربّما كذب الزّعم

<<  <  ج: ص:  >  >>