للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اشتغال المحل بالحركة المناسبة، والياء ضمير متصل في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {حُكْماً:} مفعول به، وجملة: {فَوَهَبَ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، فهي في محل نصب مقول القول أيضا. {وَجَعَلَنِي:} الواو: حرف عطف. (جعلني):

فعل ماض، والنون للوقاية، والياء مفعول به، والفاعل يعود إلى {رَبِّي،} تقديره: «هو». {مِنَ الْمُرْسَلِينَ:} متعلقان بالفعل: (جعل) وهما في محل نصب مفعوله الثاني، وجملة: {وَجَعَلَنِي..}.

إلخ معطوفة على ما قبلها، فهي في محل نصب مقول القول أيضا.

{وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ (٢٢)}

الشرح: لقد اختلف العلماء في معنى هذه الآية، وأنا أنقل لك ما ذكره النسفي-رحمه الله تعالى-فيها، حيث قال: كرّ على امتنانه عليه بالتربية، فأبطله من أصله، وأبى أن تسمى نعمة؛ لأنها نقمة حيث بيّن أن حقيقة إنعامه عليه تعبيد بني إسرائيل؛ لأن تعبيدهم وقصدهم بذبح أبنائهم هو السبب في حصوله عنده وتربيته له، ولو تركهم لرباه أبواه من غير امتنان عليه، فكأن فرعون امتن على موسى بتعبيد قومه، وإخراجه من حجر أبويه إذا حقّقت. وتعبيدهم: تذليلهم، واتخاذهم عبيدا انتهى. هذا؛ ويقال: عبدته وأعبدته؛ إذا ذللته، واستعبدته، واتخذته عبدا، قال الفراء، وأنشد: [البسيط]

علام يعبدني قومي وقد كثرت... فيهم أباعر ما شاؤوا وعبدان؟

وقال الخازن: وقيل: هو على طريق الإنكار، والمعنى: أتمنّ عليّ أن ربيتني، وتنسى جنايتك على بني إسرائيل بالاستعباد، والمعاملات القبيحة، أو يريد: كيف تمن عليّ بالتربية، وقد استعبدت قومي؟! ومن أهين قومه فقد ذل، فتعبيد بني إسرائيل قد أحبط حسناتك إلي، ولو لم تستعبدهم، ولم تقتل أولادهم؛ لم أرفع إليك حتى تربيني، وتكفلني، ولكان لي من أهلي من يربيني، ولم يلقوني باليم.

هذا؛ وقد وحد الضمير في قوله تعالى: {تَمُنُّها} و {عَبَّدْتَ} وجمع في {خِفْتُكُمْ؛} لأن الخوف والفرار لم يكونا منه وحده، ولكن منه ومن ملئه المؤتمرين بقتله بدليل قوله تعالى:

{إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ} وأما الامتنان فمنه وحده، وكذا التعبيد، وتلك إشارة إلى خصلة شنعاء مبهمة، لا يدري ما هي إلا بتفسيرها.

الإعراب: {وَتِلْكَ:} الواو: حرف عطف. (تلك): اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب لا محل له. {نِعْمَةٌ:} خبر المبتدأ. {تَمُنُّها:} فعل مضارع، والفاعل مستتر تقديره: «أنت»، و (ها): مفعول به، والجملة الفعلية في محل رفع صفة:

{نِعْمَةٌ}. {عَلَيَّ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {أَنْ:} حرف مصدري، ونصب.

<<  <  ج: ص:  >  >>