وقال أبو البقاء: عمل فيه ما دل عليه {تَمُرُّ؛} لأن ذلك من صنعه سبحانه. ويجوز نصبه على الإغراء؛ أي: انظروا صنع الله. ويجوز رفعه على الخبر، التقدير: ذلك صنع. ولم أر من قرأ به.
و {صُنْعَ} مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه، من إضافة المصدر لفاعله. {الَّذِي:} اسم موصول مبني على السكون في محل جر صفة لفظ الجلالة، أو هو بدل منه. {أَتْقَنَ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى:{الَّذِي،} وهو العائد، والجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها. {كُلَّ:} مفعول به، وهو مضاف، و {شَيْءٍ} مضاف إليه، {إِنَّهُ:} حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمها. {خَبِيرٌ:} خبر (إنّ). {بِما:} الباء: حرف جر. (ما): تحتمل الموصولة، والموصوفة، والمصدرية، فعلى الأولين مبنية على السكون في محل جر بالباء، والجملة الفعلية صلة ما، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف؛ إذ التقدير: خبير بالذي، أو: بشيء تفعلونه، وعلى اعتبار (ما) مصدرية تؤول مع الفعل بعدها بمصدر في محل جر بالباء، التقدير: بفعلكم، أو بفعلهم، والجار والمجرور متعلقان ب:{خَبِيرٌ،} والجملة الاسمية: {إِنَّهُ خَبِيرٌ..}. إلخ مستأنفة، أو تعليلية لا محل لها من الإعراب.
الشرح:{مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ:} لقد اختلف في هذه الحسنة، فقيل: هي كلمة (لا إله إلا الله)، وقيل: هي الإخلاص، والتوحيد، وقيل: هي الطاعات جميعها على اختلاف أنواعها، وتفاوت مراتبها. وهو أولى. {فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها:} قيل: المعنى يصل إليه خير بسببها، بمعنى: أنه له من تلك الحسنة خير يوم القيامة، وهو الثواب، والأمن من العذاب، أما أن يكون له شيء خير من الإيمان فلا؛ لأنه لا شيء خير من: لا إله إلا الله. وقيل: هو جزاء الأعمال، والطاعات الثواب والجنة، وجزاء الإيمان والإخلاص رضوان الله، والنظر إليه؛ لقوله تعالى:{وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ} وقيل: الخيرية ثبتت باستبدال الخسيس بالشريف، والباقي بالفاني، وسبعمئة بواحدة، وهي مضاعفة الثواب التي نص الله عليها في غير ما آية.
{وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ} أي: من فزع مفرط الشدة، وهو خوف النار، وغضب الجبار، فالمؤمنون المخلصون آمنون منه. وأما الفزع المذكور في الآية السابقة؛ فهو ما يلحق كل إنسان من التهيب لما يرى من الأهوال، والعظائم، وهذا يعم المؤمن، والكافر، والصالح، والطالح، فلا ينفك منه أحد، وانظر ما ذكرته في الآية رقم [١٠٣] من سورة (الأنبياء)، وانظر شرح:
{يَوْمَئِذٍ} في الآية رقم [٢٢] من سورة (الفرقان).
الإعراب:{مَنْ:} اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {جاءَ:} فعل ماض مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط، والفاعل يعود إلى {مَنْ} تقديره: «هو».
{بِالْحَسَنَةِ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من الفاعل