للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون امتحانا لصبرهم وتكفيرا لذنوبهم، أو رفع درجاتهم، ومعنى (يقدر) يضيق، ومنه قوله تعالى: {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} أي: ضيق.

{وَفَرِحُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا} أي: فرح أهل مكة لما وسع الله عليهم في الرزق، فبطروا، وأشروا، وانظر الفرح في الآية رقم [٥٨] من سورة (يونس) عليه السّلام، وانظر شرح الحياة الدنيا في الآية رقم [٢٣] منها أيضا، {وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ} أي: في جنبها، وبالنسبة إليها. {إِلاّ مَتاعٌ} أي:

من الأمتعة التي يتمتع فيها، مثل القصعة، والقدر، ونحوهما، وقال البيضاوي: إلا متعة لا تدوم كعجالة الراكب، وزاد الراعي. انتهى. أي: ثم تذهب وتفنى، كذلك الحياة الدنيا ذاهبة لا بقاء لها.

هذا؛ ويقرأ الفعل {يَبْسُطُ} في الآية رقم [٢٤٤] من سورة (البقرة) بالسين والصاد.

الإعراب: {اللهُ}: مبتدأ. {يَبْسُطُ}: مضارع، والفاعل يعود إلى {اللهُ}. {الرِّزْقَ}: مفعول به. {لِمَنْ}: متعلقان بالفعل قبلهما، و (من) موصولة، أو موصوفة، فهي مبنية على السكون في محل جر باللام، والجملة الفعلية بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد أو الرابط محذوف؛ إذ التقدير:

للذي، أو لشخص يشاؤه، وجملة: (يقدر) مع المتعلق المحذوف معطوفة عليها، والجملة الفعلية:

{يَبْسُطُ..}. إلخ في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية: {اللهُ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها.

{وَفَرِحُوا}: الواو: حرف استئناف. (فرحوا): ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق، وانظر إعراب: {فَتَحُوا} في الآية رقم [٦٥] من سورة (يوسف). {بِالْحَياةِ}: متعلقان بما قبلهما. {الدُّنْيا}: صفة (الحياة) مجرورة... إلخ، وجملة: (فرحوا...) إلخ مستأنفة لا محل لها، وقول القرطبي: معطوفة على {وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ،} وفي الآية تقديم وتأخير، لا وجه له البتة.

{وَمَا}: الواو: واو الحال. (ما): نافية مهملة. {بِالْحَياةِ}: مبتدأ. {الدُّنْيا}: صفة الحياة مرفوع... إلخ. {فِي الْآخِرَةِ}: متعلقان بمحذوف حال من {بِالْحَياةِ الدُّنْيا،} وهو على رأي من يجيز مجيء الحال من المبتدأ، والذي دعا إلى ذلك عدم صحة تعليقهما في الحياة، ولا في الدنيا؛ لأنهما لا يكونان في الآخرة. {إِلاّ}: حرف حصر. {مَتاعٌ}: خبر المبتدأ، والجملة الاسمية:

{وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا..}. إلخ في محل نصب حال من الحياة الدنيا، والرابط: الواو وإعادة صاحب الحال بلفظه، وكان حقه الإضمار، وإنما أعيد بلفظه زيادة في تحقير الحياة الدنيا، وصرفا للأنظار عنها.

{وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنابَ (٢٧)}

الشرح: {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا} أي: من أهل مكة، والقائل هو عبد الله بن أبي أمية المخزومي وأصحابه. {لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ}: هلا أنزل على محمد صلّى الله عليه وسلّم آية ومعجزة كالعصا، واليد، والناقة، ونحو ذلك. {قُلْ إِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ} أي: إضلاله، فلا ينفعه نزول الآيات، وكثرة

<<  <  ج: ص:  >  >>