للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإعراب: {فَمَنْ:} الفاء: حرف استئناف، وتفريع. (من): اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {تابَ:} فعل ماض مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط، والفاعل يعود إلى (من) تقديره: «هو». {مِنْ بَعْدِ:} متعلقان بما قبلهما، و {بَعْدِ:} مضاف، و {ظُلْمِهِ:} مضاف إليه، والهاء في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر لفاعله. {وَأَصْلَحَ:}

معطوف على: {تابَ} فهو مثله في محل جزم، والفاعل يعود إلى (من) أيضا. {فَإِنَّ:}

الفاء: واقعة في جواب الشرط. (إنّ): حرف مشبّه بالفعل. {اللهَ:} اسمها. {يَتُوبُ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى: {اللهَ}. {عَلَيْهِ:} جار ومجرور متعلقان به، والجملة الفعلية في محل رفع خبر: (إنّ)، والجملة الاسمية في محل جزم جواب الشرط عند الجمهور، والدسوقي يقول: لا محلّ لها لأنّها لم تحلّ محلّ المفرد، وخبر المبتدأ الّذي هو (من) مختلف فيه كما ذكرته لك مرارا. هذا؛ وإن اعتبرت (من) اسما موصولا مبتدأ، والجملة بعده صلته، والجملة الاسمية: (إنّ الله...) إلخ في محلّ رفع خبره، ودخلت الفاء على الخبر؛ لأنّ الموصول يشبه الشرط في العموم؛ فهو كلام جيّد، وعلى الاعتبارين فالجملة الاسمية مفرعة عمّا قبلها، ومستأنفة لا محلّ لها، والجملة الاسمية: {إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} تعليلية، أو مستأنفة، أو معترضة في آخر الكلام، لا محلّ لها على جميع الوجوه.

{أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤٠)}

الشرح: {أَلَمْ تَعْلَمْ..}. إلخ: الخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم، ولكلّ من يتأتّى منه العلم، والمعرفة. ودخول الاستفهام على النفي يفيد التقرير. {لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} أي: خلقا، وعبيدا، وملكا.

وقدّمت السموات على الأرض لشرفها، ومزيد فضلها، ولأنّها لا يحصل فيها معاص، ومنكرات كما في الأرض، وخصّهما بالذّكر؛ لأنّهما أعظم المخلوقات فيما يرى العباد، وجمع السّماوات دون الأرض، وهي مثلهنّ سبعا؛ لأنّ طبقاتها مختلفة بالذّات، متفاوتة بالصّفات، والآثار، والحركات.

{يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ:} انظر الآية رقم [١٨] فقد قدّم المغفرة هناك؛ لأنّ سياق الكلام للترغيب في الإيمان، وقدّم التعذيب هنا؛ لأنّ سياق الكلام للوعيد، أو هو آت على ترتيب ما سبق، أو لأنّ استحقاق التعذيب مقدّم، أو لأنّ المراد به القطع، وهو في الدّنيا.

وهذه الآية فاضحة للقدريّة، والمعتزلة في قولهم بوجوب الرّحمة للمطيع، والعذاب للعاصي؛ لأنّ الآية دالة على أنّ التعذيب، والرّحمة مفوضان إلى المشيئة، والوجوب ينافي ذلك. وجواب آخر، وهو: أنّ الله تعالى أخبر: أنّ له ملك السموات، والأرض، والمالك له أن يتصرّف في ملكه كيف يشاء، وأراد، لا اعتراض لأحد في ملكه. ويؤيّد ذلك قوله تعالى: {وَاللهُ}

<<  <  ج: ص:  >  >>