تعالى-: أشار بهذا إلى أن ضمير بئس يعود إلى المخصوص، وأن التمييز محذوف، وأن المذكور مخصوص، لا فاعل. انتهى. وانظر اعتباره تاما متصرفا في الشرح، وجملة: {فَساءَ..}.
إلخ جواب (إذا) لا محل لها، و (إذا) ومدخولها كلام مستأنف لا محل له. {وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتّى حِينٍ (١٧٨) وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ} لا حاجة إلى إعادة إعراب هاتين الجملتين.
{سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمّا يَصِفُونَ (١٨٠) وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (١٨١) وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٨٢)}
الشرح: {سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ..}. إلخ: ينزه الله تبارك وتعالى نفسه الكريمة، ويقدسها، ويبرئها عما يقول الظالمون المكذبون المعتدون، تعالى، وتنزه، وتقدس عن قولهم علوا كبيرا. {عَمّا يَصِفُونَ} أي: من الصاحبة، والولد، وعن كل سوء، وعيب، ونقص. وسئل محمد بن سحنون عن معنى قوله تعالى: {رَبِّ الْعِزَّةِ:} لم جاز ذلك، والعزة من صفات الذات، ولا يقال: رب القدرة، ونحوها من صفات ذاته جل وعز؟ فقال: العزة تكون صفة ذات، وصفة فعل، فصفة الذات، نحو قوله تعالى: {فَلِلّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً} الآية رقم [١٠] من سورة (فاطر)، وصفة الفعل نحو قوله تعالى: {رَبِّ الْعِزَّةِ} والمعنى رب العزة التي يتعازّ بها الخلق فيما بينهم، فهي من خلق الله عز وجل. وقال الماورديّ: {رَبِّ الْعِزَّةِ} يحتمل وجهين: أحدهما: مالك العزة، والثاني: رب كل شيء متعزّز من ملك، أو متجبّر. انتهى. قرطبي.
{وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ} أي: الذين بلغوا الرسالة، والتوحيد عن الله تعالى. وقيل: المعنى:
لهم أمن من الله عز وجل يوم الفزع الأكبر. وقال أنس-رضي الله عنه-: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«إذا سلّمتم عليّ؛ فسلّموا على المرسلين، فإنّما أنا رسول من المرسلين». أخرجه ابن جرير، وابن أبي حاتم مرسلا، ورواه ابن أبي حاتم مسندا عن أبي طلحة-رضي الله عنه-.
{وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ} أي: له الحمد في الأولى، والآخرة على كل حال، والحمد لله على جميع ما أنعم الله به على الخلق أجمعين. وقيل: على هلاك المشركين. دليله قوله تعالى:
{فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ} الآية رقم [٤٥] من سورة (الأنعام). وقيل:
الحمد لله على إرسال المرسلين مبشرين ومنذرين. والكل مراد، والحمد يعم. انتهى. قرطبي.
تنبيه: روى الثعلبي عن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه-: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يقول قبل أن يسلم: «سبحان ربّك ربّ العزّة... إلخ». وعنه-رضي الله عنه-قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم غير مرة، ولا مرتين يقول في آخر صلاته، أو حين ينصرف: «سبحان ربّك... إلخ». وروى ابن أبي حاتم والماوردي عن الشعبي، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من سرّه أن يكتال بالمكيال الأوفى من الأجر يوم القيامة، فليقل آخر مجلسه حين يريد أن يقوم:
{سُبْحانَ رَبِّكَ..}. إلخ». رواه الثعلبي من حديث علي-رضي الله عنه-.