خبر:{أَنَّ} تقدم على اسمها. {كَرَّةً:} اسمها المؤخر، و {أَنَّ} واسمها، وخبرها في تأويل مصدر في محل رفع فاعل لفعل محذوف، التقدير: فلو حصل لنا وقوع كرة. {فَأَكُونَ:}
الفاء: للسببية. (أكون): فعل مضارع ناقص منصوب ب: «أن» مضمرة بعد الفاء، واسمه ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره:«أنا». {مِنَ الْمُحْسِنِينَ:} متعلقان بمحذوف خبر «أكون»، و «أن» المضمرة، والفعل (أكون) في تأويل مصدر معطوف بالفاء على: {كَرَّةً}. هذا؛ وأجيز اعتبار {لَوْ} شرطية فيكون جوابها محذوفا دل عليه: {فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} ويقدر: لكنا محسنين، والكلام على الاعتبارين في محل نصب مقول القول، ولهذا نفى ابن هشام أن يكون:(أكون) نصب جوابا ل: {لَوْ؛} ولذا قال: ولا دليل في هذا لجواز أن يكون النصب في: (أكون) مثله في قوله تعالى: {وَما كانَ لِبَشَرٍ..}. إلخ رقم [٥١] من سورة (الشورى)، وقول ميسون: وهو الشاهد رقم [٤٧٣] من كتابنا: «فتح القريب المجيب»: [الوافر]
ولبس عباءة وتقرّ عيني... أحبّ إليّ من لبس الشّفوف
وأنشد الفراء قول الآخر:[الطويل] فمالك منها غير ذكرى وخشية... وتسأل عن ركبانها أين يمّموا؟
فنصب «تسأل» على موضع الذكرى؛ لأن معنى الكلام فما لك منها إلا أن تذكر.
الشرح:{بَلى قَدْ جاءَتْكَ آياتِي:} قال الزجاج: {بَلى} جواب النفي، وليس في الكلام لفظ النفي، ولكن معنى {لَوْ أَنَّ اللهَ هَدانِي:} ما هداني، وكأن هذا القائل قال: ما هديت، فقيل:
بلى قد بين لك طريق الهدى، فكنت بحيث لو أردت أن تؤمن أمكنك أن تؤمن. والمراد:
ب:{آياتِي} آيات القرآن. وقيل: عنى بالآيات المعجزات؛ أي: وضح الدليل، فأنكرته، وكذبته. {وَاسْتَكْبَرْتَ} أي: عن الإيمان، وكنت من الجاحدين. قال الصاوي: إن الكافر أولا يتحسر، ثم يحتج بحجج واهية، ثم يتمنى الرجوع إلى الدنيا، ولو ردّ لعاد إلى ضلاله، كما قال تعالى:{وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ}. {وَكُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ:} حيث لم تصدق النبي صلّى الله عليه وسلّم فيما جاء به، ولم تهتد بهديه، ولم تأخذ بتعاليمه.
هذا؛ وقال قتادة-رحمه الله تعالى-: هؤلاء أصناف، صنف منهم قال:{يا حَسْرَتى..}. إلخ، وصنف منهم قال:{لَوْ أَنَّ اللهَ هَدانِي..}. إلخ، وقال آخر:{لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً..}. إلخ، فقال الله ردّا لكلامهم:{بَلى قَدْ جاءَتْكَ}.
وقال النسفي: كأن الله يقول: بلى قد جاءتك آياتي، وبينات لك الهداية من الغواية، وسبيل الحق من الباطل، ومكنتك من اختيار الهداية على الغواية، واختيار الحق على الباطل، ولكن