للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سورة (غافر) رقم [٧٥]: {ذلِكُمْ بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} فقوله: {بِغَيْرِ الْحَقِّ} يدل على أنه يكون في الحق وغيره، ثم قال تعالى في تتمة الآية: {وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ} فلم يستثن؛ لأن المرح لا يكون إلا في الشر كالبطر، والأشر.

الإعراب: {مِنَ الَّذِينَ:} جار ومجرور بدل من قوله تعالى: {مِنَ الْمُشْرِكِينَ} بإعادة العامل. {فَرَّقُوا:} فعل ماض، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها. {دِينَهُمْ:} مفعول به، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة.

{وَكانُوا:} الواو: حرف عطف. (كانوا): فعل ماض ناقص مبني على الضم، والواو اسمه، والألف للتفريق. {شِيَعاً:} خبر (كان) والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها لا محل لها مثلها.

{كُلُّ:} مبتدأ، وهو مضاف، و {حِزْبٍ:} مضاف إليه. {بِما:} جار ومجرور متعلقان ب‍: {فَرِحُونَ} بعدهما. {لَدَيْهِمْ:} ظرف مكان متعلق بمحذوف صلة الموصول، فهو منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف المنقلبة ياء؛ لاتصاله بالهاء التي هي ضمير متصل في محل جر بالإضافة. {فَرِحُونَ:} خبر المبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الواو... إلخ، والجملة الاسمية:

{كُلُّ..}. إلخ مستأنفة أو معترضة في آخر الكلام لا محل لها على الاعتبارين، وهي مقررة لما قبلها من تفريق دينهم، وكونهم شيعا.

هذا؛ وقال الزمخشري: ويجوز أن يكون: {مِنَ الَّذِينَ} منقطعا مما قبله، ومعناه: من المفارقين دينهم كل حزب فرحين بما لديهم، ولكنه رفع {فَرِحُونَ} على الوصف ل‍: {كُلُّ} وفحواه أنه يريد اعتبار {كُلُّ} مبتدأ مؤخرا، والجار والمجرور {مِنَ الَّذِينَ} متعلقين بمحذوف خبر مقدم، والمعنى لا يؤيده. تأمل.

{وَإِذا مَسَّ النّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذا أَذاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (٣٣)}

الشرح: {وَإِذا مَسَّ النّاسَ ضُرٌّ:} أصابهم شدة من هزال، أو مرض، أو قحط، أو غير ذلك. {دَعَوْا رَبَّهُمْ:} لجئوا إلى الله بالدعاء، والتضرع. {مُنِيبِينَ إِلَيْهِ:} مقبلين عليه بقلوبهم، وجميع جوارحهم. {ثُمَّ إِذا أَذاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً:} صحة من مرض، وخصبا من قحط، ونعمة من نقمة. {إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ:} المراد: الكفار من الناس. {بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ} أي: يرجعون إلى عبادة الأصنام، وترك عبادة الملك العلام.

ومعنى هذا الكلام التعجب: عجب الله نبيه صلّى الله عليه وسلّم من المشركين في ترك الإنابة إليه تعالى، مع تتابع الحجج عليهم، ولكنهم إذا نزل بهم ضر؛ لجئوا إليه في كشف الضر عنهم، فإذا كشف

<<  <  ج: ص:  >  >>