للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٦٢)}

الشرح: {أُبَلِّغُكُمْ:} يقرأ بتشديد اللام، وتخفيفها. {رِسالاتِ:} جمعها لاختلاف أوقاتها، أو لتنوع معانيها، كالعقائد، والمواعظ، والأحكام. أو لأن المراد بها ما أوحي إليه، وإلى الأنبياء قبله، كصحف شيث، وإدريس، وغير ذلك. {وَأَنْصَحُ لَكُمْ:} انظر: {تَشْكُرُونَ} في الآية رقم [١٠]. {وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ:} قال البيضاوي: فيه تقرير لما أوعدهم به، فإن معناه أعلم من قدرته، وشدة بطشه. أو من جهته بالوحي أشياء لا علم لكم بها. هذا؛ والعلم المراد به هنا: المعرفة لا اليقين. وانظر الآية رقم [٦٠] من سورة (الأنفال).

قال الخازن: والنصح: إرادة الخير لغيره، كما يريده لنفسه. وقيل: النصح تحري قول أو فعل فيه صلاح للغير. وقيل: حقيقة النصح: تعريف وجه المصلحة مع خلوص النية من شوائب المكروه وانظر النصيحة في الآية رقم [٧٩]. والمعنى: أنه قال: أبلغكم جميع تكاليف الله، وشرائعه، وأرشدكم إلى الوجه الأصلح، والأصوب لكم، وأدعوكم إلى ما دعاني إليه، وأحب لكم ما أحب لنفسي.

قال بعضهم: والفرق بين إبلاغ الرسالة، وبين النصيحة هو: أن تبليغ الرسالة أن يعرفهم جميع أوامر الله تعالى، ونواهيه، وجميع أنواع التكاليف التي أوجبها الله عليهم، وأما النصيحة فهو أن يرغبهم في قبول تلك الأوامر، والنواهي والعبادات، ويحذرهم عقابه؛ إن عصوه. انتهى.

الإعراب: {أُبَلِّغُكُمْ:} مضارع، والفاعل مستتر تقديره: «أنا»، والكاف مفعول به أول، والميم علامة جمع الذكور. {رِسالاتِ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مؤنث سالم، و {رِسالاتِ:} مضاف، و {رَبِّي:} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره كسرة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة، والياء في محل جر بالإضافة، وجملة: {أُبَلِّغُكُمْ..}. إلخ في محل رفع صفة ثانية ل‍ {رَسُولٌ،} أو هي في محل نصب حال منه بعد وصفه بما تقدم، والاستئناف ممكن بالإعراض عن الكلام السابق، وجملة: {وَأَنْصَحُ لَكُمْ} معطوفة عليها على جميع الاعتبارات فيها. (أعلم):

مضارع، والفاعل تقديره أنا. {مِنَ اللهِ:} متعلقان ب‍ (أعلم). {ما:} تحتمل الموصولة، والموصوفة، فهي مبنية على السكون في محل نصب مفعول به، والجملة الفعلية بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف؛ إذ التقدير: الذي، أو شيئا لا تعلمونه، وقد حذف متعلق الفعل لدلالة متعلق الأول عليه، وجملة: {وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها أيضا.

<<  <  ج: ص:  >  >>