للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (١٩٢)}

الشرح: {وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً} أي: إن الأصنام التي يعبدها، ويقدسها الكفار، لا تقدر على نصرهم إذا احتاجوا لذلك. {وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ} أي: ولا يقدرون على أن يدفعوا عن أنفسهم مكروها، فإن من أراد كسرها قدر عليه، وهي لا تقدر على دفعه، وقصة إبراهيم-عليه الصلاة والسّلام-شاهد صدق على ذلك.

الإعراب: {وَلا:} الواو: حرف عطف. (لا): نافية. {يَسْتَطِيعُونَ:} فعل، وفاعل، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها. {لَهُمْ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من: {نَصْراً،} كان صفة له، فلما قدم عليه صار حالا... إلخ. {نَصْراً:}

مفعول به. {وَلا:} الواو: حرف عطف. (لا): نافية. {أَنْفُسَهُمْ:} مفعول به مقدم، والهاء في محل جر بالإضافة، والميم علامة جمع الذكور. {يَنْصُرُونَ:} فعل، وفاعل، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها لا محل لها أيضا.

{وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَتَّبِعُوكُمْ سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ (١٩٣)}

الشرح: {وَإِنْ تَدْعُوهُمْ..}. إلخ: الخطاب للكفار، وضمير النصب للأصنام، والمعنى. وإن تدعوا آلهتكم إلى طلب هدى، ورشاد كما تطلبونه من الله؛ لا يتابعوكم على مرادكم، ولا يجيبوكم كما يجيبكم الله، ويجوز أن يكون الخطاب للرسول صلّى الله عليه وسلّم والمؤمنين، والضمير المنصوب للكفار، أي: وإن تدعوا الكفار إلى الإيمان، لا يستجيبوا لكم. وإنما جمع المؤمنون مع الرسول لأن كل واحد منهم يدعو الكفار إلى الإيمان، ويرغبهم فيه، كما فعل أبو بكر الصديق-رضي الله عنه-وغيره. هذا؛ وقد قرئ الفعل: «لا يتبعوكم» بتشديد التاء وتخفيفها.

{سَواءٌ:} اسم بمعنى مستو، وهو ما في الآية، ويأتي بمعنى الوسط، كما في قوله تعالى {فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ} أي وسط الجحيم، ويأتي بمعنى العدل، قال تعالى: {فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ} وسواء الشيء: غيره، قال الأعشى: [الطويل]

تجانف عن جوّ اليمامة ناقتي... وما عدلت عن أهلها لسوائكا

ويستعمل للجمع، فتقول: هم سواء، أي: متساوون، وقد يجمع، فيقال: هم أسواء، والأول أفصح. هذا؛ وسواء السبيل: ما استقام منه، وسواء الجبل: ذروته. {أَدَعَوْتُمُوهُمْ:} هو مثل ما تقدم في الخطاب، وغيره. {صامِتُونَ:} ساكتون، والفعل: «صمت» من باب نصر، ويقال: صمت، يصمت من باب حسب يحسب. هذا؛ وقد وقع الالتفات في هذه الآية بالنسبة لسابقتها، وذلك من الغيبة إلى الخطاب. وانظر فائدته في الآية رقم [٦] (الأنعام).

<<  <  ج: ص:  >  >>