للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليها، والفاعل مستتر فيه تقديره: «أنت»، و (نا): مفعوله الأول، وهو بصري. لكن الهمزة عدته إلى المفعول الثاني. {الَّذِينَ:} مفعول به ثان منصوب، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنه مثنى، وبعضهم يعتبره مبنيا على الياء مثل مفرده. {أَضَلاّنا:} فعل ماض، والألف فاعله، و (نا):

مفعوله، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها، والعائد ألف التثنية. {مِنَ الْجِنِّ:}

متعلقان بمحذوف حال من ألف الاثنين، و {مِنَ} بيان لما أبهم في الموصول. {وَالْإِنْسِ:}

معطوف على ما قبله. {نَجْعَلْهُما:} فعل مضارع مجزوم لوقوعه جوابا للطلب، وعند الجمهور مجزوم بشرط محذوف، والفاعل مستتر تقديره: «نحن»، والهاء مفعوله، والميم والألف حرفان دالان على التثنية. {تَحْتَ:} ظرف مكان متعلق بالفعل قبله، أو هو مفعوله الثاني، و {تَحْتَ} مضاف، و {أَقْدامِنا} مضاف إليه، و (نا): في محل جر بالإضافة. {لِيَكُونا:} فعل مضارع ناقص منصوب ب‍: «أن» مضمرة بعد لام التعليل، وعلامة نصبه حذف النون، وألف الاثنين اسمه. {مِنَ الْأَسْفَلِينَ:} متعلقان بمحذوف خبر (يكونا)، و «أن» المضمرة والفعل (يكونا) في تأويل مصدر في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بالفعل: (نجعل). هذا؛ والكلام: {رَبَّنا أَرِنَا..}.

إلخ في محل نصب مقول القول.

{إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اِسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاّ تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (٣٠)}

الشرح: {إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ:} اعترافا بربوبيته، وإقرارا بوحدانيته؛ أي: لا رب، ولا معبود لنا إلا الله. وهذا شروع في بيان حسن أحوال المؤمنين في الدارين بعد بيان سوء حال الكفرة فيهما، وهذا من باب المقابلة؛ التي ذكرتها لك في سورة (يس) رقم [٥٥].

{ثُمَّ اسْتَقامُوا:} قال الخازن-رحمه الله تعالى-: قال أهل التحقيق: كمال الإنسان أن يعرف الحق لذاته؛ لأجل العمل به، ورأس المعرفة اليقينية معرفة الله تعالى، وإليه الإشارة بقوله: {إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ} ورأس الأعمال الصالحة أن يكون الإنسان مستقيما في الوسط، غير مائل إلى طرفي الإفراط، والتفريط، فتكون الاستقامة في أمر الدين، والتوحيد، فتكون في الأعمال الصالحة. سئل أبو بكر الصديق-رضي الله عنه-عن الاستقامة، فقال: ألاّ تشرك بالله شيئا. وقال عمر-رضي الله عنه-: الاستقامة: أن تستقيم على الأمر، والنهي، ولا تروغ روغان الثعلب. وقال عثمان-رضي الله عنه-: استقاموا: أخلصوا في العمل. وقال علي بن أبي طالب-رضي الله عنه-:

أدوا الفرائض، واجتنبوا النواهي. وهو قول ابن عباس-رضي الله عنهما-. انتهى. وقال الفضيل بن عياض-رحمه الله تعالى-: زهدوا في الفانية، ورغبوا في الباقية. وخلاصة الاستقامة:

العمل بالتنزيل، والخوف من الجليل، والقناعة بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>