روى جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-أن أعرابيا دخل مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقال:
اللهم إنّي أستغفرك، وأتوب إليك، وكبّر، فلما فرغ من صلاته، قال له علي-كرّم الله وجهه، ورضي الله عنه-: يا هذا! إنّ سرعة اللسان بالاستغفار توبة الكذابين، وتوبتك تحتاج إلى التوبة، فقال: يا أمير المؤمنين، وما التوبة؟ قال: التوبة: اسم يقع على ستة معان: الندم على الماضي من الذنوب، واستدراك ما ضيع، وأهمل من الفروض بقضائه، وردّ المظالم، وإذابة النفس في الطاعة، كما ربيتها في المعصية، وإذاقتها مرارة الطاعة، كما أذقتها حلاوة المعصية، والبكاء بدل كل ضحك ضحكته. انتهى. كشاف بتصرف.
{وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ:} صغيرها، وكبيرها، دقّها، وجلّها، هزلها وجدها لمن شاء، هذا إذا تيب عن الكبائر، وعن الصغائر إذا اجتنبت الكبائر. {وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ} فيجازي ويتجاوز عن إتقان وحكمة؛ أي: يجازي التائب، ويتجاوز عن غير التائب، وصدورهما عنه عزّ وجل عن إتقان منه وحكمة، وإن لم ندرك ذلك بعقولنا، فلا اعتراض لأحد عليه. انتهى. جمل. هذا؛ ويقرأ الفعل {تَفْعَلُونَ} بالتاء، وعليه يكون في الكلام التفات، ويقرأ بالياء، وعليه فلا التفات.
والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.
الإعراب:{وَهُوَ الَّذِي:} الواو: حرف استئناف. (هو الذي): مبتدأ وخبر، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محلّ لها. {يَقْبَلُ:} مضارع، والفاعل يعود إلى:{الَّذِي،} وهو العائد. {التَّوْبَةَ:}
مفعول به. {عَنْ عِبادِهِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، والهاء في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محلّ لها. {وَيَعْفُوا:} الواو: حرف عطف. (يعفو): فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الواو للثقل، والفاعل يعود إلى:{الَّذِي،} والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محلّ لها مثلها. {عَنِ السَّيِّئاتِ:} متعلقان بما قبلهما، (يعلم): مضارع، والفاعل يعود إلى:{الَّذِي} أيضا. {ما:} تحتمل الموصولة، والموصوفة، والمصدرية. فعلى الأولين مبنية على السكون في محل نصب مفعول به، والجملة الفعلية صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف، التقدير: يعلم الذي، أو: شيئا تفعلونه. وعلى اعتبارها مصدرية تؤول مع الفعل بعدها بمصدر في محل نصب مفعول به، التقدير: يعلم فعلكم. تأمّل وتدبّر، وربك أعلم، وأجلّ، وأكرم.
الشرح:{وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ..}. إلخ أي: يستجيب الله لهم، فحذف اللام، كما حذف في قوله تعالى:{وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ} والمراد: إجابة الدعاء، والإثابة على الطاعة، فإنها كدعاء.
وطلب لما يترتب عليه، ومنه قول النبي صلّى الله عليه وسلّم:«أفضل الدعاء الحمد لله»، أو المعنى: يستجيبون