مبتدأ مؤخر مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها. وقيل: في محل نصب حال من أصحاب القلوب، ولا وجه له. {وَلا:} الواو: حرف عطف. (لا): زائدة لتأكيد النفي {شَفِيعٍ:}
معطوف على ما قبله على لفظه. {يُطاعُ:} فعل مضارع مبني للمجهول، ونائب الفاعل يعود إلى {شَفِيعٍ،} والجملة الفعلية صفة: {شَفِيعٍ} في محل جر على اللفظ، أو في محل رفع على المحل، وإن اعتبرت {شَفِيعٍ} صفة لموصوف محذوف، فالجملة الفعلية صفة ثانية لهذا المحذوف.
الشرح: يخبر الله عز وجل عن علمه التام المحيط بجميع الأشياء، جليلها، وحقيرها، صغيرها، وكبيرها، دقيقها ولطيفها؛ ليحذر الناس ربهم، فيتقوه حق تقواه، ويراقبوه مراقبة من يعلم أنه يسمعه ويراه، فإنه عز وجل يعلم العين الخائنة، ويعلم ما تنطوي عليه خبايا الصدور من الضمائر، والسرائر. قال ابن عباس-رضي الله عنهما-في شرح {خائِنَةَ الْأَعْيُنِ:} هو الرجل يدخل على أهل البيت بيتهم، وفيهم المرأة الحسناء، أو تمر به، وبهم المرأة الحسناء، فإذا غفلوا؛ لحظ إليها، فإذا فطنوا؛ غض بصره عنها، فإذا غفلوا؛ لحظ، فإذا فطنوا؛ غض، وقد اطلع الله تعالى من قلبه أنه ودّ لو اطلع على فرجها. انتهى. مختصر ابن كثير. أقول: والمرأة مثل الرجل، لذا فقد أمرها الله بغض بصرها كما أمر الرجل. انظر الآية رقم [٣١] من سورة (النور).
{وَما تُخْفِي الصُّدُورُ:} وما تسره من أمانة، وخيانة، أو من الوسوسة. وقيل في شرح {خائِنَةَ الْأَعْيُنِ:} هو أن ينظر إلى أجنبية بشهوة سارقة، ثم يتفكر بقلبه في جمالها، ولا يعلم بنظرته، وفكرته من بحضرته، والله يعلم ذلك كله، ويود لو اختلى بها. والمرأة مثل الرجل في كل ما ذكرته من مسارقة النظر، وتمنّي الخلوة بالرجل، بل إن نظرها إلى الرجل أعمق، وأشفى، وشهوتها أشد، وأقوى، وأية امرأة تنظر إلى الرجل مسارقة إذا دخل دارها مع زوجها، أو أخيها، أو أبيها من شقوق الباب وغيره؟! والواقع يؤيد ذلك. هذا؛ وقال مجاهد: الخيانة هي مسارقة نظر الأعين إلى ما قد نهى الله عنه. وقال الضحاك: هي قول الإنسان: ما رأيت؛ وقد رأى. وقال السدي: إنها الرمز بالعين. وقيل: غير ذلك، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.
فائدة:
لما جيء بعبد الله بن أبي سرح إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعد ما اطمأن أهل مكة، وطلب له الأمان عثمان-رضي الله عنه-صمت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم طويلا، ثم قال:«نعم» فلما انصرف قال صلّى الله عليه وسلّم لمن حوله: «ما صمتّ إلا ليقوم إليه بعضكم فيضرب عنقه». فقال رجل من الأنصار:
فهلا أومأت إليّ يا رسول الله، فقال:«إن النبي لا تكون له خائنة الأعين». وعبد الله بن أبي سرح