للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا؛ وقال القرطبي: ومعروف في اللغة أن يقال للنصيب: قطّ، وللكتاب المكتوب بالجائزة: قطّ، والجمع: القطوط، قال الأعشى: [الطويل]

ولا الملك النعمان يوم لقيته... بغبطته يعطي القطوط ويأفق

يعني: كتب الجوائز. ويروى: بأمته بدل بغبطته، أي: بنعمته، وحاله الجليلة، ويأفق:

يصلح. هذا؛ وأصل القط: القط وهو القطع، ومنه: قطّ القلم، فالقط اسم للقطعة من الشيء، كالقسم، والقسم، فأطلق على النصيب، والكتاب، والرزق لقطعه عن غيره، إلا أنه في الكتاب أكثر استعمالا، وأقوى حقيقة، قال أمية بن أبي الصلت: [المنسرح]

قوم لهم ساحة العراق وما... يجبى إليه والقطّ والقلم

تنبيه: قال مكي بن أبي طالب القيسي-رحمه الله تعالى-: ونداء الرب قد كثر حذف (يا) النداء منه في القرآن الكريم، وعلة ذلك: أن في حذفها من نداء الرب، فيه معنى التعظيم له والتنزيه، وذلك: أن النداء فيه ضرب من الأمر؛ لأنك إذا قلت: يا زيد. فمعناه: تعال يا زيد، أدعوك يا زيد، فحذفت (يا) من نداء الرب ليزول معنى الأمر، وينقص؛ لأن (يا) تؤكده، وتظهر معناه، فكان في حذف (يا) التعظيم، والإجلال، والتنزيه للرب تعالى، فكثر حذفها في القرآن والكلام العربي في نداء الرب لذلك المعنى. انتهى. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٣١] من سورة (الصافات) ففيها كبير فائدة.

الإعراب: {وَقالُوا:} الواو: حرف استئناف. (قالوا): فعل ماض مبني على الضم؛ لاتصاله بواو الجماعة؛ التي هي فاعله، والألف للتفريق، هذا هو الإعراب المتعارف عليه في مثل هذه الكلمة، والإعراب الحقيقي أن تقول: فعل ماض مبني على فتح مقدر على آخره، منع من ظهوره اشتغال المحل بالضم الذي جيء به لمناسبة الواو. ويقال اختصارا: فعل، وفاعل. {رَبَّنا:}

منادى حذف منه أداة النداء، و (نا): ضمير متصل في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {عَجِّلْ:} فعل دعاء، وفاعله مستتر، تقديره: «أنت». {لَنا:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {قِطَّنا:} مفعول به. و (نا): ضمير متصل في محل جر بالإضافة. {قَبْلَ:} ظرف زمان متعلق بالفعل قبله. و {قَبْلَ:} مضاف، و {يَوْمِ} مضاف إليه، و {يَوْمِ} مضاف، و {الْحِسابِ} مضاف إليه، والجملتان: الندائية، والفعلية كلتاهما في محل نصب مقول القول، وجملة: {وَقالُوا..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.

{اِصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَاُذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوّابٌ (١٧)}

الشرح: قال القرطبي-رحمه الله تعالى-: لما ذكر الله من أخبار الكفار، وشقاقهم، وتقريعهم، بإهلاك القرون من قبلهم؛ أمر نبيه صلّى الله عليه وسلّم بالصبر على أذاهم، وسلاه بكل ما تقدم، ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>