للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{أُمَّةٍ،} والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ. هذا؛ ويقرأ بنصب: {كُلَّ أُمَّةٍ} على أنه بدل مما قبله، وعليه فجملة: {تُدْعى} يجوز فيها ما جاز ب‍: {جاثِيَةً}. {إِلى كِتابِهَا:} متعلقان بما قبلهما، و (ها): في محل جر بالإضافة.

{الْيَوْمَ:} ظرف زمان متعلق بالفعل بعده. {تُجْزَوْنَ:} فعل مضارع مرفوع، مبني للمجهول، والواو نائب فاعله، وهو المفعول الأول. {ما:} اسم موصول، أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل نصب مفعول به ثان. {كُنْتُمْ:} ماض ناقص مبني على السكون، والتاء اسمه، والجملة الفعلية في محل نصب خبره، وجملة: {كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} صلة (ما)، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف، وهو مفعول {تَعْمَلُونَ،} والجملة الفعلية: {الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ..}. إلخ في محل نصب مقول القول لقول محذوف، التقدير: يقال لهم... إلخ، وهذه الجملة مستأنفة، لا محلّ لها.

{هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنّا كُنّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٩)}

الشرح: {هذا كِتابُنا يَنْطِقُ:} يشهد عليكم بما عملتم بالحق بلا زيادة، ولا نقصان. وهذا يحتمل أن يكون من قول الله تعالى للمبطلين يوم القيامة، ويحتمل أن يكون من قول الملائكة لهم. والأول أقوى. ولفظ {يَنْطِقُ} استعارة تصريحية بالفعل، والاستعارة هنا أبلغ من الحقيقة؛ لأنّ شهادة الكتاب ببيانه أقوى من شهادة الإنسان بلسانه. وفي سورة (المؤمنون) رقم [٦٢] قوله تعالى: {وَلَدَيْنا كِتابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ}. وقيل: إنهم يقرؤونه فيذكرهم الكتاب ما عملوا، فكأنه ينطق عليهم، دليله قوله تعالى في سورة (الإسراء) رقم [١٤]: {اِقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً} لذا يقولون ما حكى الله عنهم في سورة (الكهف) رقم [٤٩]: {وَيَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا مالِ هذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاّ أَحْصاها}.

قال الزمخشري-رحمه الله تعالى-: فإن قلت: كيف أضيف الكتاب إليهم، وإلى الله عزّ وجل؟ قلت: الإضافة تكون للملابسة، وقد لابسهم، ولابسه، أما ملابسته إياهم؛ فلأن أعمالهم مثبتة فيه، وأما ملابسته إياه؛ فلأنه مالكه، والآمر ملائكته أن يكتبوا فيه أعمال عباده.

{إِنّا كُنّا نَسْتَنْسِخُ..}. إلخ: أي: نأمر بنسخ ما كنتم تعملون.

قال علي-كرّم الله وجهه-: إن لله ملائكة ينزلون كل يوم بشيء يكتبون فيه أعمال بني آدم.

وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: إن الله وكّل ملائكة مطهرين، فينسخون من أم الكتاب في رمضان كل يوم ما يكون من أعمال بني آدم، فيعارضون حفظة الله على العبّاد كل خميس، فيجدون ما جاء به الحفظة من أعمال العباد موافقا لما في كتابهم الذي استنسخوه من ذلك الكتاب، لا زيادة فيه، ولا نقصان. قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: وهل يكون النسخ إلاّ

<<  <  ج: ص:  >  >>