تتصدع، أو تخسف بهم. {وَتَخِرُّ الْجِبالُ:} تسقط. {هَدًّا:} هدما؛ أي: تسقط بصوت شديد، وتتفتت، يقال: هدني هذا الأمر وهدّ ركني؛ أي: كسرني، وبلغ مني. وهدّته المصيبة: أي:
أوهنته. والمعنى: أن هول ما قالوه وعظمه بحيث لو تصور بصورة محسوسة لم تتحملها هذه الأجرام العظام، وتفتت من شدتها، وافترائها. أو لأن فظاعتها مجلبة لغضب الله تعالى بحيث لولا حلمه، ولطفه؛ لخرب هذا العالم، وبددت قوائمه غضبا على من تفوّه بها. وانظر الآية رقم [١١١] من سورة (الإسراء) ففيها بحث جيد.
قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: فزعت السموات، والأرض، والجبال، وجميع الخلائق إلا الثقلين، وكادت تزول، وغضبت الملائكة، واستعرت جهنم حين قالوا: اتخذ الله ولدا.
وانظر {السَّماواتِ وَالْأَرْضَ} في الآية رقم [٣] من سورة (النحل)، وشرح (كاد) في الآية رقم [٧٣] من سورة (الإسراء).
{مِنْهُ:} متعلقان بما قبلهما، والجملة الفعلية في محل نصب خبر {تَكادُ،} والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها، وجملة:{وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ} معطوفة على ما قبلها، فهي في محل نصب مثلها، ومتعلق الفعل والذي بعده محذوف لدلالة ما قبله عليه. وأيضا جملة:{وَتَخِرُّ الْجِبالُ} معطوفة عليها. {هَدًّا:} نائب مفعول مطلق؛ لأنه مصدر مرادف لمصدر (تخر) أو هو حال؛ لأنه بمعنى: مهدودة، أو هو مفعول لأجله. قال الزمخشري: أي: لأن تهد.
الشرح: أي: قاربت السموات أن تتفطر، وقاربت الأرض أن تتشقق، وقاربت الجبال أن تتفتت لافترائهم على الله تعالى اتخاذ الولد، وقد نزه سبحانه نفسه عن ذلك، ونفاه نفيا قاطعا؛ حيث قال:{وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ..}. إلخ أي: لا يصح، ولا يليق؛ لأن الولد لا بد أن يكون شبيها بالوالد، ولا شبيه له تعالى، ولأن اتخاذ الولد يكون لأغراض لا تصح في الله تعالى: من سرور بالولد، واستعانة به، وذكر جميل بعده، ولأن الولد لا يكون إلا من والد، يكون له والد، وأصل، والله تعالى تنزه عن ذلك، وتقدس فقال: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ (١) اللهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ}.
روى البخاري عن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول الله تبارك وتعالى: «كذّبني ابن آدم، ولم يكن له ذلك، وشتمني، ولم يكن له ذلك، فأمّا تكذيبه إيّاي؛ فقوله: ليس يعيدني كما بدأني، وليس أوّل الخلق بأهون عليّ من إعادته. وأمّا شتمه إيّاي؛ فقوله: اتّخذ الله ولدا، وأنا الأحد الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد».