ليبك يزيد ضارع لخصومة... ومختبط ممّا تطيح الطّوائح
{وَصِيَّةٍ:} مفعول مطلق مؤكّد لما جاء في هذه الآية من الوصية الباهرة على حدّ: قعدت جلوسا. وقيل: هو مفعول مطلق، عامله من لفظه محذوف، التقدير: وصّى الله ذلك وصية.
وقيل: حال مؤكدة، والعامل فعل الوصية، وهو ضعيف. وقال القرطبي-رحمه الله تعالى-:
والعامل {يُوصِيكُمُ} ويصح أن يعمل فيها: {مُضَارٍّ} وهما ضعيفان. {مِنَ اللهِ:} متعلقان ب {وَصِيَّةٍ} أو بمحذوف صفة له. {وَاللهُ:} مبتدأ. {عَلِيمٌ حَلِيمٌ:} خبران له، والجملة الاسمية معترضة في آخر الكلام، الغرض منها التّهديد، والوعيد. تأمل، وتدبّر، وربّك أعلم، وأجلّ، وأكرم.
الشرح:{تِلْكَ حُدُودُ اللهِ} يعني: الأحكام التي تقدّم ذكرها في هذه السّورة من مال اليتامى، والوصايا، والأنكحة، والمواريث. وإنّما سماها حدودا؛ لأنّ الشّرائع كالحدود المضروبة للمكلّفين، فلا يجوز لهم أن يتجاوزوها. والحدود جمع: حد، وهو في اللغة الحاجز بين شيئين متجاورين، والمراد هنا: الحد الفاصل بين الحلال، والحرام، فلذا يعاقب من تجاوزه بالحدّ.
وهو: العقوبة المقرّرة لذلك، وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: يريد ما حدّ الله من فرائضه.
{وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ} يعني: في شأن المواريث، ورضي بما قسم الله له، وحكم عليه. {يُدْخِلْهُ جَنّاتٍ..}. إلخ: وحّد الفاعل في هذه الآية، وفي الآية التالية؛ لأنّ إدخال الجنّة للمطيع، وإدخال النّار للعاصي إنّما هو بيد الله، والرّسول صلّى الله عليه وسلّم لا فعل له في ذلك.
{خالِدِينَ فِيها:} جمعه، وهو عائد على (من) باعتبار معناها، وأفرده في الآية التالية باعتبار لفظها. {وَذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ:} النجاح الكبير في الآخرة يوم لا ينفع مال، ولا بنون؛ إلا من أتى الله بقلب سليم.
الإعراب:{تِلْكَ:} اسم إشارة مبني على الكسرة في محل رفع مبتدأ، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب لا محل له. {حُدُودُ:} خبر المبتدأ، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محلّ لها، و {حُدُودُ:} مضاف، و {اللهِ:} مضاف إليه. {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ:} انظر الآية التالية. {جَنّاتٍ:} مفعول به ثان منصوب، وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنّه جمع مؤنث سالم، ويقال فيه ما يقال في مفعول: {(تدخلوا الجنة} في الآية رقم [١٤٢]: من سورة (آل عمران). {تَجْرِي:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل.