للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{النَّفْسَ عَنِ الْهَوى (٤٠) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى} هذا؛ ولما ذكر الله أحوال أهل النار؛ ذكر ما أعده للأبرار، وهذا من باب المقابلة. انظر ما ذكرته في الاية رقم [١٥] من سورة (الذاريات).

الإعراب: {وَلِمَنْ:} (الواو): حرف استئناف. (لمن): جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {خافَ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى (من) وهو العائد. {مَقامَ:} مفعول به، وهو مضاف، و (ربه) مضاف إليه، والهاء في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها. {جَنَّتانِ:} مبتدأ مؤخر مرفوع، وعلامة رفعه الألف نيابة عن الضمة؛ لأنه مثنى، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها. {ذَواتا:} صفة {جَنَّتانِ،} أو خبر لمبتدأ محذوف، التقدير: هما ذواتا، فهو مرفوع، وعلامة رفعه الألف نيابة عن الضمة؛ لأنه مثنى، وحذفت النون للإضافة، و {ذَواتا} مضاف، و {أَفْنانٍ} مضاف إليه، والجملة الاسمية المقدرة: «هما ذواتا أفنان» في محل رفع صفة {جَنَّتانِ}. {فَبِأَيِّ آلاءِ..}. إلخ: انظر الإعراب في الاية رقم [١٣].

{فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ (٥٠) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥١) فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ (٥٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٣)}

الشرح: {فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ} أي: في الجنتين المذكورتين عينان تجريان بالماء الزلال إحداهما: التسنيم، والأخرى: السلسبيل. قاله ابن عباس، والحسن. وعن ابن عباس-رضي الله عنهما-: عينان مثل الدنيا أضعافا مضاعفة، حصباؤهما الياقوت الأحمر، والزبرجد الأخضر، وترابهما الكافور، وحمأتهما المسك الأذفر، وحافتاهما الزعفران. وانظر أنواع الأنهار وماءها في الاية رقم [١٥] من سورة (محمد صلّى الله عليه وسلّم). وقال أبو بكر الوراق: {فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ،} لمن كانت عيناه تجريان في الدنيا من مخافة الله عز وجل، وخذ ما يلي:

عن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «كلّ عين باكية يوم القيامة إلاّ عين غضّت عن محارم الله، وعين سهرت في سبيل الله، وعين خرج منها مثل الذباب من خشية الله عزّ وجلّ». رواه الأصبهاني.

{فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ} أي: صنفان، وكلاهما حلو يستلذ به. قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: ما في الدنيا شجرة حلوة، ولا مرة، إلا وهي في الجنة؛ حتى الحنظل إلا أنه حلو.

وقيل: ضربان: رطب، ويابس، لا يقصر هذا عن ذلك في الفضل، والطيب. وقيل: أراد تفضيل هاتين الجنتين على الجنتين اللتين دونهما، فإنه ذكرها هنا عينين جاريتين، وذكر هناك عينين تنضخان بالماء، والنضخ دون الجري، فكأنه قال: في تينك الجنتين من كل فاكهة نوع، وفي هذه الجنة من كل فاكهة نوعان.

<<  <  ج: ص:  >  >>