زائدة، والجملة الاسمية:{أَيُّ الْحِزْبَيْنِ..}. في محل نصب مفعول به ل:(نعلم) المعلق عن العمل لفظا، وقد سدت مسد المفعولين، إن كان «علم» من أفعال القلوب.
الشرح:{نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ} أي: نقرأ عليك يا محمد خبر أصحاب الكهف بالصدق. {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ} أي: شبان. {آمَنُوا بِرَبِّهِمْ} أي: الذي خلقهم وأنعم عليهم بنعم كثيرة. {وَزِدْناهُمْ هُدىً:} إيمانا، وبصيرة ويقينا. وقال السدي: زادهم هدى بكلب الراعي حين طردوه، ورجموه مخافة أن ينبح عليهم، وينبه بهم، فرفع الكلب يديه إلى السماء كالداعي، فأنطقه الله، فقال: لم تطردونني؟ لم ترجمونني؟ لم تضربونني؟ فو الله لقد عرفت الله قبل أن تعرفوه بأربعين سنة، فزادهم الله بذلك هدى. انتهى. قرطبي. والله أعلم بحقيقة ذلك. واختلف في لونه، وفي اسمه اختلافا كبيرا، فذكر ابن عباس-رضي الله عنهما-أن اسمه: قطمير. انتهى.
بعد هذا {نَقُصُّ عَلَيْكَ} نخبرك لتخبر قومك، واليهود الذين سألوك عن خبر أصحاب الكهف لعلهم يعتبرون، فيهتدون للإيمان. هذا؛ والقصص: تتبع الأثر، يقال: قص فلان أثر فلان؛ أي:
تتبعه؛ ليعرف أين ذهب، ومنه قوله تعالى حكاية عن قول أم موسى:{وَقالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ} أي:
اتبعي أثره، وإنما سميت الحكاية: قصة؛ لأن الذي يقص الحديث يذكر تلك القصة شيئا فشيئا.
والنبأ: الخبر وزنا ومعنى، ويقال: النبأ أخص من الخبر؛ لأن النبأ لا يطلق إلا على كل ما له شأن، وخطر من الأخبار. وقال الراغب: النبأ: خبر ذو فائدة يحصل به علم، أو غلبة ظن، ولا يقال للخبر في الأصل نبأ حتى يتضمن هذه الأشياء الثلاثة، وحق: أن يتعرى عن الكذب، كالمتواتر، وخبر الله تعالى، وخبر الرسول صلّى الله عليه وسلّم. هذا؛ وفعله يتعدى في الأصل لثلاثة مفاعيل، وقد يجيء الفعل من (نبأ) غير مضمن معنى أعلم، فلذلك يعدى لواحد بنفسه، وللآخر بحرف الجر، وهو كثير في كتاب الله تعالى مثل قوله تعالى:{وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ}.
هذا؛ و {هُدىً} أصله: «هديا» بضم الهاء وفتح الدال، وتحريك الياء منونة فقلبت الياء ألفا لتحركها، وانفتاح ما قبلها، فاجتمع ساكنان: الألف، والتنوين؛ الذي يرسم ألفا في حالة النصب بحسب الأصل، فحذفت الألف لالتقاء الساكنين، فصار:(هدى) وإنما أتوا بياء أخرى لتدل على الياء المحذوفة الأصلية، بخلاف ما إذا لم يأتوا بها. وقالوا:«هدا» فلا يوجد ما يدل عليها.
بعد هذا انظر «نا» في الآية رقم [٢٣] من سورة (الحجر)، وشرح {الْحَقُّ} في الآية رقم [٨١] من سورة (الإسراء)، وشرح {رَبُّكُمْ} في الآية رقم [٨] منها، وشرح «زاد، يزيد» في الآية [٤١] منها أيضا. هذا؛ وفي الآية التفات من التكلم إلى الغيبة كما ترى، انظر الآية [٢٢] من سورة (النحل).