للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالحزبين: نفس أصحاب الكهف؛ لأنهم لما استيقظوا اختلفوا في مدة لبثهم، كما ستعرفه في الآية رقم [١٩]. وهذا قاله مجاهد. وقال الفراء: إن طائفتين من المسلمين في زمان أصحاب الكهف اختلفوا في مدة لبثهم. وقال عطاء عن ابن عباس-رضي الله عنهما-: المراد بالحزبين:

الملوك الذين تداولوا المدينة ملكا بعد ملك، وأصحاب الكهف. وعبارة الخازن: وذلك: أن أهل المدينة اختلفوا في مدة لبثهم في الكهف.

{أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً} أي: أضبط، وأحفظ لما مكثوا في كهفهم نياما، واختلف في {أَحْصى} فاعتبره الزجاج والتبريزي أفعل تفضيل، واعتبره الزمخشري، وابن عطية فعلا ماضيا.

قال الزمخشري: فإن قلت: فما تقول فيمن جعله أفعل تفضيل؟ قلت: ليس بالوجه السديد، وذلك: أن بناءه من غير الثلاثي ليس بقياسي. وقال أبو البقاء: وجاء {أَحْصى} على حذف الزيادة، كما جاء: (هو أعطى للمال) و (أولى بالخير). وقال البيضاوي مثله. وقال ابن هشام في المغني: ومن الوهم قول بعضهم في: {أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً:} إنه أفعل تفضيل، فإن الأمد ليس محصيا، بل محصى، وشرط التمييز المنصوب بعد أفعل كونه فاعلا في المعنى، كزيد أكثر مالا، بخلاف مال زيد أكثر مال. هذا؛ و (الأمد) الغاية ومنتهى الشيء، وجمعه: آماد، يقال: طال عليهم الأمد؛ أي: الأجل.

الإعراب: {ثُمَّ:} حرف عطف. {بَعَثْناهُمْ:} ماض، وفاعله، ومفعوله، والجملة الفعلية معطوفة على جملة: {أَوَى الْفِتْيَةُ..}. إلخ فهي في محل جر مثلها. {لِنَعْلَمَ:} مضارع منصوب ب‍: «أن» مضمرة بعد لام التعليل. وقيل: العاقبة، والفاعل مستتر تقديره: «نحن»، وهو معلق عن العمل لفظا بسبب الاستفهام، و «أن» المضمرة، والمضارع في تأويل مصدر في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بما قبلهما. {أَيُّ:} اسم استفهام مبتدأ، وهو مضاف، و {الْحِزْبَيْنِ} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الياء نيابة عن الكسرة؛ لأنه مثنى، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد. {أَحْصى:} خبر المبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر، أو هو ماض كما رأيت، فيكون فاعله مستتر تقديره: «هو» يعود إلى: {أَيُّ الْحِزْبَيْنِ،} وعلى اعتباره أفعل التفضيل فاعله أيضا مستتر فيه. {لِما:} اللام: حرف جر. (ما): مصدرية، تؤوّل مع الفعل بعدها بمصدر في محل جر باللام، والجار والمجرور، متعلقان ب‍ {أَحْصى،} وجملة: {أَحْصى..}.

إلخ في محل رفع خبر المبتدأ، أو هما متعلقان بمحذوف حال من {أَمَداً،} كان صفة له على نحو ما رأيت في الآية رقم [٩] هذا؛ وقيل: اللام زائدة، و (ما) موصولة في محل نصب مفعول به لأحصى على اعتباره ماضيا، ومفعول به لفعل محذوف على اعتباره أفعل تفضيل، وهو المعتمد، وجملة: {لَبِثُوا:} صلة الموصول، والعائد محذوف، التقدير: أحصى الذي لبثوه، وهو ضعيف معنى كما ترى. {أَمَداً:} مفعول ل‍: {أَحْصى} على اعتبار اللام أصلية، وتمييز على اعتبار اللام

<<  <  ج: ص:  >  >>