للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا (٦٩)}

الشرح: {ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ:} لنخرجن {مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ} أي: من كل أمة، وأهل دين من الكفار.

{أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا:} قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: يعني: جرأة. وقيل: فجورا، وتمردا. وقيل: قائدهم ورئيسهم في الشرك، والمعنى: أنه يقدّم في إدخال النار الأعتى، فالأعتى، ممن هو أكبر جرما، وأشد كفرا. وفي بعض الأخبار: أنهم يحضرون حول جهنم مسلسلين ومغلولين، ثم يقدم إلى جهنم الأكفر فالأكفر، فمن كان منهم أشد تمردا في كفره خص بعذاب أعظم، وأشد؛ لأن عذاب الضال المضل يجب أن يكون فوق عذاب الضال التابع لغيره في الضلال.

وفائدة هذا التمييز التخصيص بشدة العذاب لا التخصيص بأصل العذاب، فلذلك قال في جميعهم ما يلي. انتهى. خازن. وانظر شرح: {عِتِيًّا} وإعلاله في الآية رقم [٨]، وانظر شرح: {ثُمَّ} في الآية رقم [٥٣] من سورة (النحل). وانظر شرح {شِيَعِ} في الآية رقم [١٠] من سورة (الحجر)، فإنه جيد.

الإعراب: {ثُمَّ:} حرف عطف. {لَنَنْزِعَنَّ:} إعراب هذا الفعل مثل إعراب:

{لَنَحْشُرَنَّهُمْ} في الآية السابقة، والجملة الفعلية هذه معطوفة على تلك لا محل لها مثلها. {مِنْ كُلِّ:} متعلقان بالفعل قبلهما، و {كُلِّ:} مضاف، و {شِيعَةٍ} مضاف إليه. {أَيُّهُمْ:} اسم موصول مبني على الضم في محل نصب مفعول به، والهاء في محل جر بالإضافة. {أَشَدُّ:} خبر مبتدأ محذوف، التقدير: هو أشد، والجملة الاسمية هذه صلة الموصول، وهذا عند سيبويه؛ لأنه حقه أن يبني كسائر الموصولات لكنه أعرب حملا على كل و «بعض» للزوم الإضافة، فإذا حذف صدر صلته زاد نقصه، فعاد إلى حقه منصوب المحل بالفعل قبله؛ ولذلك قرئ بنصبه، وهو مرفوع عند غير سيبويه على الابتداء على أنه اسم استفهام، وخبره: {أَشَدُّ} والجملة الاسمية محكية، وتقدير الكلام: لننزعن من كل شيعة الذين يقال فيهم: أيهم أشد. وقيل: إن الفعل معلق عنها لتضمنه معنى التمييز اللازم للعلم. وقيل: الجملة الاسمية هذه مستأنفة، والفعل واقع على {كُلِّ شِيعَةٍ} على زيادة {مِنْ} في الإيجاب، أو على معنى: لننزعن بعض شيعة. انتهى. بيضاوي بتصرف. هذا؛ وقد قال ابن مالك رحمه الله تعالى في ألفيته: [الرجز]

أيّ كما وأعربت ما لم تضف... وصدر وصلها ضمير انحذف

قال ابن عقيل رحمه الله تعالى في شرحه: يعني أن أيّا مثل «ما»، في أنها تكون بلفظ واحد للمذكر، والمؤنث مفردا كان، أو مثنى، أو مجموعا، نحو يعجبني أيهم هو قائم، ثم إن أيا لها أربعة أحوال: أحدها: أن تضاف ويذكر صدر صلتها، نحو يعجبني أيهم هو قائم، الثاني:

ألا تضاف، ولا يذكر صدر صلتها، نحو يعجبني أي: قائم، الثالث: أن لا تضاف، ويذكر صدر الصلة، نحو يعجبني أي: هو قائم، وفي هذه الأحوال الثلاثة تكون معربة بالحركات الثلاث.

<<  <  ج: ص:  >  >>