الكفّار، ويجعل الكفار في منازلهم في النّار». أخرجه ابن ماجة، وهذا تأويل قوله تعالى في سورة (المؤمنون): {أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ (١٠) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ}.
الإعراب:{لا جَرَمَ أَنَّهُمْ:} انظر الآية رقم [٢٣] ففيها الكفاية. {فِي الْآخِرَةِ:} متعلقان ب: {الْخاسِرُونَ،} والجملة الاسمية: {هُمُ الْخاسِرُونَ} في محل رفع خبر (أنّ). تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.
الشرح:{ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا..}. إلخ: قال القرطبي: هذا كلّه في عمّار بن ياسر-رضي الله عنه-. انتهى. والمراد: بالفتنة ما رأيته في الآية رقم [١٠٦] حيث عذبه المشركون؛ حتى نطق بكلمة الكفر. وقال قتادة: نزلت في قوم خرجوا مهاجرين إلى المدينة بعد أن فتنهم المشركون، وقد تقدّم ذكرهم في هذه السورة؛ أي: في الآية رقم [٤١]. وقال الخازن:
نزلت هذه الآية في عياش بن أبي ربيعة، وكان أخا أبي جهل من الرضاعة. وقيل: كان أخاه لأمّه، وفي أبي جندل بن سهيل، والوليد بن الوليد بن المغيرة، وسلمة بن هشام، وعبد الله بن أسد الثقفي، فتنهم المشركون، وعذّبوهم، فأعطوهم بعض ما أرادوا؛ ليسلموا من شرهم، ثم إنّهم هاجروا بعد ذلك، وجاهدوا.
هذا؛ وقرأ ابن عامر: «(فتنوا)» بالبناء للمعلوم، فيكون المعنى: من بعد ما عذبوا المؤمنين، كالحضرمي أكره مولاه جبرا حتى ارتدّ عن الإسلام، ثمّ أسلما، وهاجرا إلى المدينة. بعد هذا انظر الهجرة في الآية رقم [٤١].
وقال البيضاوي: و {ثُمَّ} لتباعد حال هؤلاء عن حال أولئك؛ أي: حال المؤمنين المهاجرين، وحال المطبوع على قلوبهم، وسمعهم، وأبصارهم من الكافرين، والمجرمين، والفاسقين من المسلمين.
الإعراب:{ثُمَّ:} حرف عطف. {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {رَبَّكَ:} اسم {إِنَّ} والكاف في محل جر بالإضافة من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه، وخبر {إِنَّ} فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أنه قوله: {لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} و {إِنَّ رَبَّكَ} الثانية واسمها تأكيد للأولى، واسمها، فكأنه قيل: ثم إن ربك، إن ربك لغفور رحيم، وحينئذ يجوز في الجار والمجرور {لِلَّذِينَ} وجهان: أن يتعلقا بالخبرين على التنازع، أو بمحذوف على سبيل البيان، كأنه قيل: الغفران، والرحمة للذين هاجروا. الثاني: أنّ الخبر هو نفس الجار بعدها، كما تقول: إن زيدا لك؛ أي: هو لك لا عليك، بمعنى: هو ناصرهم، لا خاذلهم. قال معناه