للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتمتع بهن، تجوزا له من مكان القيلولة على التشبيه، كما أن المترفين في الدنيا يعيشون على ذلك الترتيب، ولا نوم في الجنة، ولكن الله تعالى سمى مكان استراحتهم إلى الحور العين، وأزواجهم اللاتي دخلن معهم الجنة مقيلا على طريق التشبيه، وانظر ما ذكرته في مثل هذا التفضيل في الآية رقم [١٥]. هذا؛ وقد جعل المؤمنون المطيعون ربّهم أصحاب الجنة؛ بمعنى:

مالكيها؛ لملازمتهم لها، وعدم انفكاكهم عنها. وقل مثله في أصحاب النار. والمقيل: مكان القيلولة.

الإعراب: {أَصْحابُ:} مبتدأ، وهو مضاف، و {الْجَنَّةِ} مضاف إليه. {يَوْمَئِذٍ:} (يوم):

ظرف زمان متعلق بمحذوف خبر أول، و (إذ) ظرف لما مضى من الزمان مبني على السكون في محل جر بالإضافة، وحرك بالكسر لالتقاء الساكنين، ووقع ظرف الزمان خبرا عن الجثة؛ لأنه أفاد فائدة، قال ابن مالك رحمه الله تعالى: [الرجز]

ولا يكون اسم زمان خبرا... عن جثّة، وإن يفد فأخبرا

{خَيْرٌ:} خبر ثان، {مُسْتَقَرًّا:} تمييز. {وَأَحْسَنُ:} معطوف على ما قبله. {مَقِيلاً:} تمييز أيضا، وقد حذف المفضل عليه، والتقدير: خير مستقرا من مستقر أهل النار، وأحسن مقيلا من مقيل أهل النار. هذا؛ وقيل: إن التفضيل ليس على بابه، وليس مرادا هنا وعليه ف‍: {مُسْتَقَرًّا} ظرف مكان متعلق ب‍ {خَيْرٌ،} و {مَقِيلاً} ظرف مكان متعلق ب‍ (أحسن)، والجملة الاسمية:

{أَصْحابُ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. هذا؛ وقيل: الظرف متعلق ب‍ {خَيْرٌ،} والأول أقوى معنى، وأولى اعتبارا.

{وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلاً (٢٥)}

الشرح: {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ:} أصله: تتشقق فحذفت إحدى التاءين للتخفيف، وهو كثير في القرآن الكريم، والكلام العربي. {بِالْغَمامِ} أي: بسبب طلوع الغمام منها، وهو الغمام المذكور في قوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ}. والغمام: سحاب أبيض مثل الضبابة، ولم يكن إلا لبني إسرائيل في تيههم. {وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلاً} أي: ينزلون بصحائف العباد إلى الأرض، وذلك لحساب الثقلين من الإنس، والجن. قال ابن عباس-رضي الله عنه-:

تتشقق سماء الدنيا، فينزل أهلها، وهم أكثر ممن في الأرض من الجن، والإنس، ثم تشقق السماء الثانية، فينزل أهلها، وهم أكثر ممن في سماء الدنيا، ثم كذلك حتى تنشق السماء السابعة؛ وأهل كل سماء يزيدون على أهل السماء التي تليها، ثم ينزل الكروبيون، ثم حملة العرش. هذا؛ وقرئ الفعل: (نزّل) بقراآت كثيرة، وإذا نزل ملائكة سماء الدنيا؛ اصطفوا حول العالم المجموع في المحشر صفا، وإذا نزل ملائكة السماء الثانية؛ اصطفوا خلف هذا الصف،

<<  <  ج: ص:  >  >>