للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال عبد العزيز بن يحيى: نظم الآية، لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز، حريص بالمؤمنين رءوف رحيم، {عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ} لا يهمه إلا شأنكم، وهو قائم بالشفاعة لكم، فلا تهتموا بما عنتم ما أقمتم على سنته، فإنه لا يرضيه إلا دخولكم الجنة. انتهى.

الإعراب: {لَقَدْ}: اللام: لام الابتداء، أو هي واقعة في جواب قسم محذوف. (قد):

حرف تحقيق يقرب الماضي من الحال. {جاءَكُمْ}: ماض والكاف مفعول به. {رَسُولٌ}:

فاعل. {مِنْ أَنْفُسِكُمْ}: متعلقان بمحذوف صفة: {رَسُولٌ}. والكاف في محل جر بالإضافة، وجملة: {لَقَدْ جاءَكُمْ..}. إلخ ابتدائية، أو هي واقعة في جواب قسم محذوف، لا محل لها على الاعتبارين. {عَزِيزٌ} صفة: {رَسُولٌ}. {ما}: مصدرية. {عَنِتُّمْ}: فعل وفاعل، و {ما} والفعل في تأويل مصدر في محل رفع فاعل ب‍ {عَزِيزٌ،} هذا؛ وجوز اعتبار {ما} موصولة فاعلا ب‍ {عَزِيزٌ،} والجملة الفعلية صلتها، والعائد محذوف، التقدير: عزيز عليه الذي عنتموه، والأول أقوى. {عَلَيْهِ}: متعلقان ب‍ {عَزِيزٌ،} هذا؛ وجوز اعتبار: {عَزِيزٌ عَلَيْهِ} خبرا مقدما، و {ما عَنِتُّمْ} على الوجهين مبتدأ مؤخر، والجملة الاسمية في محل رفع صفة:

{رَسُولٌ،} وأجاز مكي اعتبار {عَزِيزٌ} مبتدأ، و {ما عَنِتُّمْ} فاعلا ب‍ {عَزِيزٌ} سد مسد خبره، والجملة صفة: {رَسُولٌ،} ولا وجه له البتة؛ لأن {عَزِيزٌ} لم يعتمد على نفي أو شبهة، {حَرِيصٌ}: صفة ل‍ {رَسُولٌ،} {عَلَيْكُمْ}: متعلقان ب‍ {حَرِيصٌ}.

{بِالْمُؤْمِنِينَ}: متعلقان ب‍ {رَؤُفٌ،} وقيل: متعلقان بأحد الاسمين على التنازع، {رَؤُفٌ رَحِيمٌ}: صفتان ل‍ {رَسُولٌ،} وفيهما وفي {حَرِيصٌ} ضمير مستتر هو الفاعل بهن.

{فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (١٢٩)}

الشرح: {فَإِنْ تَوَلَّوْا}: أعرض الكفار والمنافقون عن تصديقك، والإيمان بك، يا محمد! {حَسْبِيَ اللهُ}: كافي الله، فهو يكفيني شركم، وينصرني عليكم. {لا إِلهَ إِلاّ هُوَ} أي:

لا موجود سواه، ولا معبود غيره. {عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ} أي: اعتمدت، وإليه فوضت أموري، واستسلمت لحكمه وقضائه وقدره. {الْعَرْشِ}: إنما خصه سبحانه بالذكر؛ لأنه أعظم المخلوقات، فيدخل ما دونه في الذكر، أو خصه بالذكر تشريفا له، كما قال: بيت الله، وانظر ما ذكرته في آية الكرسي والآية [٥٤] من سورة (الأعراف). هذا؛ وقد قرئ بجر (العظيم) ورفعه.

روي عن أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قال: هاتان الآيتان {لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ..}.

إلخ آخر القرآن نزولا، وفي رواية عنه، قال: أحدث القرآن عهدا بالله هاتان الآيتان {لَقَدْ جاءَكُمْ..}. إلخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>