للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{بِما:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، وهما في محل نصب مفعوله الثاني. و (ما):

تحتمل الموصولة، والموصوفة، والمصدرية، فعلى الأولين مبنية على السكون في محل جر بالياء، والجملة بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف؛ إذ التقدير: فأنبئكم بالذي، أو بشيء كنتم تعلمونه، وعلى اعتبار (ما) مصدرية تؤول بما بعدها بمصدر في محل جر بالباء، التقدير: فأنبئكم بعملكم، وهو أضعف من الاعتبارين السابقين. {كُنْتُمْ:} فعل ماض ناقص مبني على السكون، والتاء اسمها. {تَعْمَلُونَ:} فعل مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله، ومفعوله محذوف، كما رأيت تقديره، والجملة الفعلية في محل نصب خبر (كان)، والجملة الفعلية {فَأُنَبِّئُكُمْ..}. إلخ معطوفة على الجملة الاسمية قبلها، لا محل لها مثلها. هذا؛ وقد ذكرت لك: أن هاتين الآيتين معترضتان في تضاعيف وصية لقمان لابنه، على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام.

{يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (١٦)}

الشرح: {يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ} أي: إن الخصلة من فعل الخير، أو من فعل الشر، إن تك مثلا في الصغر كحبة خردل. وقال القرطبي-رحمه الله تعالى-: أي لو كان للإنسان رزق مثقال حبة خردل في هذه المواضع جاء الله بها حتى يسوقها إلى من هي رزقه، والمعتمد الأول؛ لقوله تعالى في سورة (الأنبياء) رقم [٤٧]: {وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ}.

هذا؛ والخردل نبات له حب صغير جدّا أسود، واحدته: خردلة، يقال: إن الحس لا يدرك لها ثقلا؛ إذ لا ترجح ميزانا. هذا؛ ويقال: خردل الطعام: أكل خياره، وخردل اللحم: قطع أعضاءه قطعا صغارا. هذا؛ ويقرأ برفع «(مثقال)» على اعتبار {تَكُ} فعلا تاما، وتأنيث الفعل على هذا؛ لأن مثقال اكتسب التأنيث من المضاف إليه، وهو {حَبَّةٍ} ومثل ذلك قول الأعشى: [الطويل] وتشرق بالقول الّذي قد أذعته... كما شرقت صدر القناة من الدّم

وهذا هو الشاهد رقم [٩٠٤] من كتابنا: «فتح القريب المجيب».

{فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ:} قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: هي صخرة تحت الأرضين السبع، وهي التي يكتب فيها أعمال الفجار، وخضرة الماء منها. وقيل: خلق الله الأرض على حوت، وهو النون، والحوت في الماء، والماء على ظهر صفاة، والصفاة على ظهر ملك. وقيل: على ظهر ثور، وهو على صخرة، وهي التي ذكر لقمان، ليست في الأرض، ولا في السماء، فلذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>