موصول مبني على الفتح في محل جرّ صفة {الْقَوْمِ،} وجملة: {كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ} صلة الموصول لا محل لها، والمخصوص بالذم محذوف، التقدير: مثل هؤلاء، أو هو مضاف محذوف، التقدير: بئس مثل القوم مثل الذين كذبوا بآيات الله. انتهى. مغني اللبيب. وعليه فقد حذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه. هذا؛ وقال الزمخشري، وتبعه النسفي: التقدير:
بئس مثلا مثل القوم... إلخ على أن فاعل {بِئْسَ} ضمير فسره التمييز، و {مَثَلُ الْقَوْمِ} هو المخصوص بالذم، فرده ابن هشام بقوله: وقد نص سيبويه على أن تمييز فاعل «نعم، وبئس» لا يحذف، والصواب: أن {مَثَلُ الْقَوْمِ} فاعل، وحذف المخصوص؛ أي: مثل هؤلاء، أو مضاف: أي: مثل الذين كذبوا. انتهى.
{وَاللهُ:}(الواو): حرف استئناف. (الله): مبتدأ. {لا:} نافية. {يَهْدِي:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل، والفاعل يعود إلى (الله)، والجملة الفعلية في محلّ رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها. {الْقَوْمِ:} مفعول به.
الشرح:{قُلْ:} هذا أمر خاطب الله به سيد الأولين، والاخرين محمدا صلّى الله عليه وسلّم. {يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا:} هم اليهود سمّوا بذلك لما تابوا من عبادة العجل. من: هاد بمعنى: تاب، ورجع. ومنه قوله تعالى حكاية عن قولهم في سورة (الأعراف) رقم [١٥٦]: {إِنّا هُدْنا إِلَيْكَ}.
أو سموا بذلك نسبة إلى (يهودا بن يعقوب) وهو أكبر أولاده. {إِنْ زَعَمْتُمْ:} إن ادعيتم. {أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلّهِ مِنْ دُونِ النّاسِ:} كانوا يقولون كما حكى الله عنهم في سورة (المائدة) رقم [١٨]:
{وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبّاؤُهُ}. انظر شرحها هناك. {فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ:} ادعوا على أنفسكم بالموت. {إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ} أي: إن كان قولكم حقّا، وكنتم على ثقة، فتمنوا على الله أن يميتكم، وينقلكم سريعا إلى دار كرامته؛ التي أعدها لأوليائه، فإن الموت هو الذي يوصلكم إليها؛ لأن من أيقن: أنه من أهل الكرامة في دار النعيم، اشتاقها، وأحب التخلص إليها من الدار ذات الشوائب، كما قال الإمام علي-كرم الله وجهه-: لا أبالي أسقطت على الموت، أم سقط الموت عليّ؟! وقال عمار بن ياسر-رضي الله عنه-بصفين: الان ألقى الأحبة محمدا، وحزبه. وقال ذلك بلال-رضي الله عنه-عند احتضاره. وقال حذيفة-رضي الله عنه- حين احتضر:[المتقارب] وجاء حبيب على فاقة... فلا أفلح اليوم من قد ندم