القائل هو أحد الرجلين اللذين قال الله فيهما: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ} و (القرين): هو الرجل الذي دخل جنته، وهو ظالم لنفسه، وقد وردت قصتهما في سورة (الكهف).
ثم قال السدي: فإذا كان يوم القيامة، وأدخل الله تعالى المؤمن الجنة، يمرّ فإذا هو بأرض، ونخل، وثمار، وأنهار، فيقول: لمن هذا؟ فيقال: هذا لك، فيقول: يا سبحان الله، أو بلغ من فضل عملي أن أثاب بمثل هذا؟! قال: ثم يمرّ، فإذا هو برقيق لا تحصى عدتهم، فيقول: لمن هذا؟ فيقال: هؤلاء لك، فيقول: يا سبحان الله، أو بلغ من فضل عملي أن أثاب بمثل هذا؟! قال:
ثم يمرّ فإذا هو بقبة من ياقوتة حمراء، مجوفة فيها حوراء عيناء، فيقول: لمن هذه؟ فيقال: هذه لك، فيقول: يا سبحان الله، أو بلغ من فضل عملي أن أثاب بمثل هذا؟! قال: ثم يذكر المؤمن شريكه الكافر، فيقول، {إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ..}. إلخ انتهى. مختصر ابن كثير بتصرف كبير، كما رأيت.
{يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ} أي: أأنت تصدق بالبعث، والنشور، والحساب والجزاء؟! يعني بذلك على وجه التعجب، والتكذيب، والاستبعاد، والكفر، والعناد. هذا؛ وقرئ بتشديد الصاد والدال، فيكون المعنى: أأنت تتصدق بالمال طلبا للثواب؟! {أَإِذا مِتْنا وَكُنّا تُراباً وَعِظاماً:} انظر الآية رقم [١٦] ففيها الكفاية. {لَمَدِينُونَ} أي: مجزيون محاسبون بعد الموت. فهو من الدّين بمعنى: الجزاء، وانظر الآية رقم [٢٠].
الإعراب: {قالَ:} فعل ماض. {قائِلٌ:} فاعله. {مِنْهُمْ:} جار ومجرور متعلقان ب {قائِلٌ،} أو بمحذوف صفة له. {إِنِّي:} حرف مشبه بالفعل، والياء ضمير متصل في محل نصب اسمها.
{كانَ:} فعل ماض ناقص. {لِي:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف في محل نصب خبر:
{كانَ} تقدم على اسمها. {قَرِينٌ:} اسمها مؤخر، والجملة الفعلية في محل رفع خبر (إنّ)، والجملة الاسمية: {إِنِّي..}. إلخ في محل نصب مقول القول، وجملة: {قالَ قائِلٌ..}. إلخ في محل نصب حال من واو الجماعة، والرابط: الضمير فقط، فهي حال متداخلة، وفيها معنى التفسير للتساؤل. {يَقُولُ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى: {قَرِينٌ}. {أَإِنَّكَ:} الهمزة:
حرف استفهام إنكاري توبيخي. (إنك): حرف مشبه بالفعل، والكاف ضمير متصل في محل نصب اسمها. {لَمِنَ:} اللام: هي المزحلقة. (من المصادقين): جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر (إنّ)، والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول، وجملة: {يَقُولُ..}. إلخ في محل رفع صفة: {قَرِينٌ}. {أَإِذا مِتْنا وَكُنّا تُراباً..}. إلخ انظر الإعراب كاملا في الآية رقم [١٦]، مع ملاحظة إبدال {لَمَبْعُوثُونَ} بقوله: {لَمَدِينُونَ} وهو لا يخل في الإعراب أبدا، إفرادا وجملا.
{قالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (٥٤) فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ (٥٥)}
الشرح: {قالَ..}. إلخ: الله تعالى لأهل الجنة، وقيل: هو من قول المؤمن لإخوانه في الجنة: {هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ} إلى النار لننظر كيف حال ذلك القرين؟ وقيل: هو من قول الملائكة،