للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو ضعيف؛ لأن الفاعل مفرد. {هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ:} إلى النار لأريكم ذلك الكافر، والاستفهام بمعنى: الأمر مثل قوله تعالى في سورة (المائدة) رقم [٩١]: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ}. هذا؛ وقرئ «(مطلعون)» «(فأطلع)» بتسكين الطاء فيهما، وضم الألف، وكسر النون، على معنى: هل أنتم مقبلون، فأقبل؟ وأنكر أبو حاتم، وغيره هذه القراءة. وقال النحاس: هذا لحن لا يجوز؛ لأنه جمع بين النون والإضافة، ولو كان مضافا؛ لكان اللفظ هل أنتم مطلعيّ؛ وإن كان سيبويه، والفراء قد حكيا مثله، وأنشدا: [الطويل]

هم القائلون الخير والآمرونه... إذا ما خشوا من محدث الأمر معظما

وأنشد الفراء وحده: «والفاعلونه» وأنشد سيبويه وحده: [الطويل]

ولم يرتفق والناس محتضرونه... جميعا وأيدي المعتفين رواهقه

وهذا شاذ خارج عن كلام العرب، وما كان مثل هذا لا يحتج به في كتاب الله عز وجل، ولا يدخل في الفصيح، وقد قيل في توجيهه: إنه أجرى اسم الفاعل مجرى المضارع لقربه منه، فجرى: (مطلعون) مجرى يطلعون. ذكره أبو الفتح عثمان بن جني، وأنشد: [الرجز]

أرأيت إن جئت به أملودا... مرجّلا ويلبس البرودا

أقائلنّ: أحضري الشّهودا

فأجرى: «أقائلنّ» مجرى: أتقولون، وهذا هو الشاهد رقم (٦٣٦) من كتابنا: «فتح القريب المجيب». {فَاطَّلَعَ فَرَآهُ} أي: رأى قرينه. {فِي سَواءِ الْجَحِيمِ:} في وسط الجحيم، فقد ذكر أن بين الجنة والنار كوى، فإذا أراد المؤمن أن ينظر إلى عدوّ له كان في الدنيا؛ اطّلع من بعض الكوى. وعن قتادة قال: قال بعض العلماء: لولا أن الله عز وجل عرّفه إياه لما عرفه، لقد تغير حبره وسبره؛ أي: لونه، وهيئته. هذا؛ وانظر (سواء) في الآية رقم [١٠] من سورة (يس).

هذا؛ واطّلع أصله: تطلع، فأدغمت التاء في الطاء، بعد قلبها طاء، وتسكينها؛ لأنهما من مخرج واحد، ثم اجتلبت همزة الوصل ليمكن النطق بالساكن، ولهذه الكلمة نظائر، مثل: ادّكر، وادّارك، واطّير، وازّيّن، وادّارأتم. وانظر الآية رقم [١٥٣] تجد ما يسرك.

الإعراب: {قالَ:} فعل ماض، والفاعل مستتر تقديره: «هو» يعود إلى (الله) أو إلى المؤمن، كما رأيت في الشرح، {هَلْ:} حرف استفهام. {أَنْتُمْ:} ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {مُطَّلِعُونَ:} خبره مرفوع، وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول، وجملة: {قالَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. {فَاطَّلَعَ:} الفاء: حرف عطف. (اطلع):

فعل ماض، والفاعل يعود إلى المؤمن، ومتعلقه محذوف، والجملة الفعلية معطوفة على جملة:

<<  <  ج: ص:  >  >>