للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي حذرني منه، فيموت الكبير، وينشأ الصغير على ذلك. وقد ذكرت لك في سورة (هود) أنه تعاقب عليه أربعة أجيال، كل جيل يكون أكفر وأخبث من سابقه، وانظر ما ذكرته في الآية السابقة، كيف أعقم الله أصلاب الرجال، وأرحام النساء، قبل الطوفان بأربعين، أو سبعين سنة، لذا فقد استجاب الله له دعاءه، فأهلك جميع من على وجه الأرض من الكافرين، حتى ولد نوح لصلبه؛ الذي اعتزل عن أبيه، وقال: {إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلاّ فاجِراً كَفّاراً}.

عن ابن عباس-رضي الله عنهما-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لو رحم الله من قوم نوح أحدا؛ لرحم امرأة لما رأت الماء؛ حملت ولدها، ثم صعدت الجبل، فلما بلغها الماء؛ صعدت به منكبها، فلما بلغ الماء منكبها؛ وضعت ولدها على رأسها، فلما بلغ الماء رأسها؛ رفعت ولدها بيدها، فلو رحم الله منهم أحدا؛ لرحم هذه المرأة». أخرجه ابن أبي حاتم، قال ابن كثير:

حديث غريب، ورجاله ثقات، أقول: وهذا يتنافى مع ما قدمته من عقم رجالهم، ونسائهم، فليتأمل! والله أعلم.

الإعراب: {إِنَّكَ:} حرف مشبه بالفعل، والكاف اسمها. {إِنْ:} حرف شرط جازم.

{تَذَرْهُمْ:} فعل مضارع فعل الشرط، والفاعل مستتر تقديره: «أنت»، والهاء مفعول به، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية. ويقال: لأنها شرط غير ظرفي. {يُضِلُّوا:} فعل مضارع جواب الشرط مجزوم، وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والألف للتفريق. {عِبادَكَ:} مفعول به، والكاف في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها جملة جواب الشرط، ولم تقترن بالفاء، ولا ب‍: «إذا» الفجائية، و {إِنْ} ومدخولها في محل رفع خبر (إنّ)، والجملة الاسمية: {إِنَّكَ..}. إلخ في محل نصب مقول القول، وفيها معنى التعليل. {وَلا:} الواو: حرف عطف. (لا): نافية. {يَلِدُوا:} فعل مضارع معطوف على ما قبله مجزوم مثله، والواو فاعله، والألف للتفريق. {إِلاّ:} حرف حصر، {فاجِراً:} مفعول به. {كَفّاراً:} صفة {فاجِراً} مؤكدة.

{رَبِّ اِغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَلا تَزِدِ الظّالِمِينَ إِلاّ تَباراً (٢٨)}

الشرح: {رَبِّ اغْفِرْ لِي:} وذلك أنه لما دعا على الكفار، قال: رب اغفر لي. يعني: ما صدر مني من ترك الأفضل. وقيل: يحتمل: أنه حين دعا على الكفار: أنه إنما دعا عليهم بسبب تأذيه منهم، فكان ذلك الدعاء عليهم كالانتقام منهم، فاستغفر من ذلك، لما فيه من طلب حظ النفس، أو لأنه ترك الاحتمال. انتهى. خازن. {وَلِوالِدَيَّ:} وكانا مسلمين، واسم أبيه: لمك، واسم أمه: شمخى بوزن سكرى، بنت أنوش. وقيل: هما آدم وحواء. ولا وجه له، وقرئ:

<<  <  ج: ص:  >  >>