للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على ما قبله مرفوع مثله... إلخ. {أَفَلا:} الهمزة: حرف استفهام إنكاري توبيخي. والفاء:

حرف استئناف. (لا): نافية. {تَعْقِلُونَ:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها.

{أَفَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْناهُ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (٦١)}

الشرح: {أَفَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً:} والمراد به: المؤمن الذي وعده ربه بالجنة على عمله الصالح. والوعد الحسن: الثواب في الآخرة ودخول الجنة؛ لأنه دائم غير منقطع تكرما، وتفضلا منه تعالى: {فَهُوَ لاقِيهِ:} مدركه لا محالة لامتناع الخلف في وعده سبحانه، وتعالى، قال تعالى: {وَلَقّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً}.

{كَمَنْ مَتَّعْناهُ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا:} الذي هو مشوب بالآلام، مكدر بالمتاعب، مستعقب للتحسر على الانقطاع. والمعنى لا يستوي من يدخل الجنة تحقيقا لوعده سبحانه الصادق، ومن يتمتع في هذه الدنيا متاعا قليلا، ثم هو يزول ويفنى، ثم يوم القيامة يحشر، ويحضر للحساب، والجزاء، ثم يساق إلى النار، وبئس القرار، ونحوه قوله تعالى حكاية عن قول المؤمن: {وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ،} وقوله جل شأنه: {فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ}.

تنبيه: قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: نزلت الآية في حمزة بن عبد المطلب، وفي أبي جهل بن هشام. وقال مجاهد: نزلت في النبي صلّى الله عليه وسلّم وأبي جهل. وقال محمد بن كعب: نزلت في حمزة، وعلي-رضي الله عنهما-، وقيل غير ذلك. قال القشيري: والصحيح: أنها نزلت في المؤمن، والكافر على التعميم. وقال الثعلبي: وبالجملة فإنها نزلت في كل كافر متع في الدنيا بالعافية، والغنى، وله في الآخرة النار. وفي كل مؤمن صبر على بلاء الدنيا، ثقة بوعد الله، وله في الآخرة الجنة. هذا؛ ومعنى الآية شبيه بالآية رقم [٢٢] من سورة (الرعد).

هذا؛ والوعد يستعمل في الخير وفي الشر، فإذا قلت: وعدت فلانا من غير أن تتعرض لذكر الموعود به، كان ذلك خيرا، وإذا قلت: أوعدت فلانا من غير ذكر الموعود به، كان ذلك شرا، وهو ما في بيت طرفة بن العبد البيت الأخير من معلقته: [الطويل] وإنّي وإن أوعدته، أو وعدته... لمخلف إيعادي ومنجز موعدي

وهو قول الجوهري، وقول كثير من أئمة اللغة، وأما عند ذكر الموعود به، أو الموعد به، فيجوز أن تستعمل «وعد» في الخير وفي الشر، فمن الأول قوله تعالى: {وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} ومن الثاني قوله جل شأنه: {قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ النّارُ وَعَدَهَا اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}. وأنشدوا: [الطويل]

<<  <  ج: ص:  >  >>