للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَما عِنْدَ اللهِ:} ثوابه، وما أعده الله من النعيم المقيم للمؤمنين العاملين. {خَيْرٌ:} في نفسه من الأول؛ لأنه لذة خالصة من المكدرات، وبهجة كاملة لا يشوبها منغصات. {وَأَبْقى:}

أدوم بخلاف الأول فإنه منقطع، وزائل. {أَفَلا تَعْقِلُونَ} أي: أفلا تفهمون، وتتدبرون: أن الباقي خير من الفاني. وقيل: من لم يرجح الآخرة على الدنيا فليس بعاقل. ولهذا قال الشافعي -رضي الله عنه-: من أوصى بثلث ماله لأعقل الناس؛ صرف ذلك الثلث إلى المشتغلين بطاعة الله تعالى؛ لأن أعقل الناس من أعطى القليل، وأخذ الكثير، وما هم إلا المشتغلون بطاعة الله تعالى. والمعنى: أعطى القليل من حطام الدنيا، وأخذ الكثير من الحسنات.

هذا؛ وقد وصف الله تعالى الحياة الدنيا التي يحياها ابن آدم في هذه الآية وغيرها بالدنيا؛ لدناءتها، وحقارتها، وأنها لا تساوي عنده جناح بعوضة. ورحم الله الجريري إذ يقول: [الكامل] يا خاطب الدّنيا الدّنيّة إنّها... شرك الرّدى وقرارة الأكدار

دار متى ما أضحكت في يومها... أبكت غدا تبّا لها من دار

أو: هي من الدنو، وهو القرب؛ لأنها في متناول يد الإنسان ما دام حيا.

الإعراب: (ما): اسم شرط جازم مبني على السكون في محل نصب مفعول به ثان تقدم على عامله، أو هو في محل رفع مبتدأ. {أُوتِيتُمْ:} فعل ماض مبني على السكون مبني للمجهول في محل جزم فعل الشرط، والتاء نائب فاعله، وهو المفعول الأول، والمفعول الثاني محذوف على اعتبار (ما) مبتدأ. {مِنْ شَيْءٍ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من (ما)، أو من المفعول الثاني المحذوف، و (من) بيان لما أبهم في (ما). {فَمَتاعُ:} الفاء: واقعة في جواب الشرط.

(متاع): خبر لمبتدإ محذوف، التقدير: فالمؤتى متاع، و (متاع) مضاف، و {الْحَياةِ} مضاف إليه.

{الدُّنْيا:} صفة: {الْحَياةِ} مجرور مثله، وعلامة جره كسرة مقدرة على الألف للتعذر، والجملة الاسمية في محل جزم جواب الشرط، وخبر (ما) على اعتبارها مبتدأ مختلف فيه، فقيل: هو جملة الشرط، وقيل: هو جملة الجواب، وقيل: هو الجملتان وهو المرجح لدى المعاصرين.

هذا؛ وإن اعتبرت (ما) موصولة؛ فالجملة الفعلية بعدها صلتها، والعائد محذوف، التقدير:

والذي أوتيتموه. والجملة الاسمية خبرها، وزيدت الفاء في خبر المبتدأ؛ لأن الموصول يشبه الشرط في العموم، ويؤيد هذا الاعتبار الجملة التالية؛ لأن (ما) لا تكون إلا موصولة فيها.

{وَما:} الواو: حرف عطف، وقيل: واو الحال، ولا وجه له لعدم الرابط. (ما): اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {عِنْدَ:} ظرف مكان متعلق بمحذوف صلة الموصول، و {عِنْدَ} مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه. {خَيْرٌ:} خبر المبتدأ، والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها لا محل لها مثلها، الأولى بالاستئناف، والثانية بالإتباع. (أبقى): معطوف

<<  <  ج: ص:  >  >>