حالتهم، فهم ممسوخون في محالهم، وفي منازلهم. {فَمَا:} الفاء: حرف عطف. (ما): نافية.
{اِسْتَطاعُوا:} ماض وفاعله، والألف للتفريق. {مُضِيًّا:} مفعول به، والجملة الفعلية معطوفة على جواب (لو) لا محل لها مثله. {وَلا:} الواو: حرف عطف. (لا): نافية. {يَرْجِعُونَ:}
مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله، والجملة الفعلية معطوفة على:{مُضِيًّا}. انظر التقدير في الشرح. وخذ قول الفرزدق، وهو عكس ما في الآية الكريمة:[الطويل] ألم ترني عاهدت ربّي وإنّني... لبين رتاج قائما ومقام
على حلفة لا أشتم الدهر مسلما... ولا خارجا من فيّ زور كلام
فإن التقدير: لا شاتما مسلما، ولا خارجا إلخ، وهذا هو الشاهد، رقم (٧٥٥) من كتابنا:
الشرح:{وَمَنْ نُعَمِّرْهُ:} نطل عمره. {نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ:} من نكست الشيء، أنكسه نكسا: قلبته على رأسه، فانتكس. قال قتادة: المعنى: أنه يصير إلى حال الهرم الذي يشبه حال الصبا. انتهى. ومن المشاهد أن الإنسان إذا طال عمره؛ ردّ إلى الضعف بعد القوة، والعجز بعد النشاط، والنقص بعد الزيادة، قال تعالى في سورة (الروم) رقم [٥٤]: {اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً}. وقال تعالى:{وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً} الآية رقم [٧٠] من سورة (النحل). وانظر الآية رقم [٥] من سورة (الحج) قال الشاعر الحكيم: [البسيط] من عاش أخلقت الأيام جدّته... وخانه ثقتاه السّمع والبصر
والمراد من هذا كله الإخبار عن هذه الدار، بأنها دار زوال، وانتقال، لا دار دوام، واستقرار. ولهذا قال تعالى:{أَفَلا يَعْقِلُونَ} أي: يتفكرون بعقولهم في ابتداء خلقهم، ثم صيرورتهم إلى سنّ الكهولة، ثم إلى سنّ الشيبة، ثم إلى سنّ الشيخوخة، ليعلموا: أنهم خلقوا لدار أخرى، لا زوال لها، ولا انتقال منها، ولا محيد عنها، هي الدار الآخرة، وفي ذلك دليل أيضا على قدرة الله تعالى؛ الذي لو شاء؛ طمس على أعينهم، أو مسخهم على مكانتهم، وقادر أيضا على أن يعيدهم بعد موتهم من قبورهم. هذا؛ وقرئ: «(ننكسه)»، وقرئ: «(تعقلون)».
الإعراب:{وَمَنْ:} الواو: حرف استئناف. (من): اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {نُعَمِّرْهُ:} فعل مضارع فعل شرط. والفاعل مستتر تقديره:«نحن»، والهاء مفعول به. {نُنَكِّسْهُ:} فعل مضارع جواب الشرط، والفاعل تقديره:«نحن»، والهاء مفعول