للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يشبه الشرط في العموم. {وَلا:} الواو: حرف عطف. لا: نافية. {يُظْلَمُونَ:} مضارع مبني للمجهول مرفوع... إلخ، والواو نائب فاعله، وهو المفعول به في الأصل. {فَتِيلاً:} صفة مفعول مطلق محذوف، التقدير: ظلما فتيلا، كما تقول: لا أظلم قليلا، ولا كثيرا. وقيل: ضمن الفعل معنى لا يتعدى لاثنين، فانتصب {فَتِيلاً} على أنه مفعول ثان، التقدير: ولا ينقصون فتيلا، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها فهي في محل رفع مثلها.

{وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً (٧٢)}

الشرح: {وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى:} المراد عمى القلب، والبصيرة، لا عمى البصر، والمعنى: من كان في هذه الدنيا أعمى عن هذه النعم التي قد عددها الله في هذه الآيات المتقدمة، ولا يتفكر فيها. {فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى} أي: لا يرى طريق النجاة، ولا يهتدي إليه، فهو كقوله تعالى: {وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى} وقوله تعالى: {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ} الآية [٩٧] الآتية. {وَأَضَلُّ سَبِيلاً} أي: أخطأ طريقا عن الهدى، والنجاة، وهذا لا ينفي: أنه يقرأ كتاب أعماله الذي يعطاه، بل يقرؤه كما رأيت في الآية رقم [١٤] ولكن لا يقرؤه قراءة سرور، وإنما يقرؤه، ويغتمّ بقراءته، ويقول: {يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ} وانظر الآية رقم [٤٦] من سورة (الحج) ففيها كبير فائدة.

الإعراب: {وَمَنْ:} الواو: حرف عطف. (من): اسم شرط جازم. {كانَ:} ماض ناقص مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط. في هذه: متعلقان بمحذوف خبر مقدم، والهاء حرف تنبيه، لا محل له. {أَعْمى:} اسم {كانَ} مؤخر مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر. الفاء: واقعة في جواب الشرط، والجملة الاسمية: (هو...) إلخ في محل جزم جواب الشرط. {فِي الْآخِرَةِ:} متعلقان ب‍: {أَعْمى} بعدهما. وانظر بقية الإعراب في الآية السابقة، فهي مثلها في كل ما ذكر. هذا؛ والضمير الواقع في الجواب هو الرابط بالمبتدإ على اعتبار:

(من) موصولة، أو شرطية. {وَأَضَلُّ:} معطوف على {أَعْمى} مرفوع مثله. {سَبِيلاً:} تمييز، والجملة الاسمية: {وَمَنْ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها.

{وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وَإِذاً لاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً (٧٣)}

الشرح: {وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي..}. إلخ: قيل في سبب نزولها: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أراد أن يستلم الحجر الأسود، فمنعته قريش، وقالوا: لا ندعك حتى تلم بآلهتنا، وتمسها، فحدث نفسه:

ما عليّ أن أفعل ذلك، والله يعلم: أني كاره بعد أن يدعوني أستلم الحجر. وقيل: طلبوا منه أن يذكر آلهتهم بخير، ويثني عليها حتى يسلموا، ويتبعوه، فحدث نفسه، فأنزل الله هذه الآية.

<<  <  ج: ص:  >  >>