للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معروف، لذا فإني أرى أن تكون الحال من الضمير المستتر في متعلق الظرف، والمتعلق هو العامل في الحال، وبهذا يزول الإشكال، وينكشف الغموض. (يعلم): مضارع، وفاعله يعود إلى الله، وهو كسابقه لم ينصب إلا مفعولا واحدا؛ لأنه بمعنى: يعرف، وليس من أفعال القلوب انظر الآية رقم [٦١] من سورة (الأنفال) ففيها البيان الشافي بإذن الله تعالى. {ما:} اسم موصول، أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل نصب مفعول به. {فِي الْبَرِّ:} متعلقان بمحذوف صلة {ما،} أو صفتها، وجملة: {وَيَعْلَمُ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، فهي في محل نصب حال أيضا، والاستئناف ممكن. تأمل. {إِلاّ:} حرف حصر. {يَعْلَمُها:} فعل مضارع، ومفعوله، وفاعله يعود إلى الله، والجملة الفعلية في محل نصب حال من: {وَرَقَةٍ،} وسوغ مجيء الحال منها وهي نكرة تقدم النفي، فإنه من المسوغات للابتداء بالنكرة. {لا:} زائدة لتأكيد النفي. {حَبَّةٍ:} معطوف على لفظ {وَرَقَةٍ} ولو قرئ بالرفع، لكان على الموضع. {فِي ظُلُماتِ:} متعلقان بمحذوف صفة حبة، وظلمات مضاف، و {الْأَرْضِ:} مضاف إليه. {وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ:} بالجر معطوفان على لفظ {وَرَقَةٍ} و (لا) مقحمة مفيدة للتوكيد. قال الجمل: لكن لا يناسب تسلط السقوط على الثلاثة، كما لا يخفى؛ إذ لا يناسب وما يسقط رطب ولا يابس، فالمعنى: وما من حبة و {وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلاّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ}. قال البيضاوي: وقرئت-أي: الثلاثة-بالرفع، وفيهن حينئذ وجهان: الأول: عطفها على محل {وَرَقَةٍ} والثاني: على الابتداء، {إِلاّ:} حرف حصر. {فِي كِتابٍ:} متعلقان بمحذوف بدل من قوله {إِلاّ هُوَ} بدل كل من كل على أن المراد بالكتاب المبين على علم الله تعالى، أو بدل اشتمال إن أريد به اللوح المحفوظ، وهذا على اعتبار {وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ} معطوفات على لفظ {وَرَقَةٍ} أو على محلها، وأما على الوجه الثاني فيهن، وهو الرفع على الابتداء، فالجار والمجرور متعلقان بمحذوف في محل رفع خبر عن هذه المرفوعات، التقدير:

مسجلات في: {كِتابٍ مُبِينٍ} وينتج عن ذلك جملة اسمية مستأنفة لا محل لها، ويكون الوقف على {يَعْلَمُها} جيدا، وانظر الآية رقم [٦١] من سورة (يونس) فإنه جيد.

{وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٦٠)}

الشرح: {يَتَوَفّاكُمْ بِاللَّيْلِ:} ينيمكم فيه، ويراقبكم. استعير التوفي من الموت للنوم لما بينهما من المشاركة في زوال الإحساس، والتمييز، فإن أصله قبض الشيء بتمامه. انتهى بيضاوي.

وقال الجلال في تفسيره: يقبض أرواحكم عند النوم، قال الجمل في تعليقه عليه: هذا مبني على أن في الجسد روحين: روح الحياة، وهي لا تخرج إلا بالموت، وروح التمييز، وهي تخرج بالنوم، فتفارق الجسد، فتطوف بالعالم، وترى المنامات، ثم ترجع إلى الجسد عند تيقظه.

<<  <  ج: ص:  >  >>