للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حذف حرف العلة من آخره، وهو الياء، والكسرة قبلها دليل عليها، والفاعل مستتر، تقديره:

«أنت». {لِي:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {صَرْحاً:} مفعول به، والجملة الفعلية مع الجملة الندائية قبلها في محل نصب مقول القول. {لَعَلِّي:} حرف مشبه بالفعل، وياء المتكلم في محل نصب اسمها. {أَبْلُغُ:} فعل مضارع، والفاعل مستتر تقديره: «أنا». {الْأَسْبابَ:}

مفعول به، والجملة الفعلية في محل رفع خبر (لعل)، والجملة الاسمية تعليل للأمر، وجملة:

{وَقالَ فِرْعَوْنُ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، لا محل لها أيضا.

{أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كاذِباً وَكَذلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلاّ فِي تَبابٍ (٣٧)}

الشرح: {أَسْبابَ السَّماواتِ:} أبوابها، وطرقها. وقيل: الأمور التي تستمسك بها السموات. وفائدة التكرار: أن الثاني بدل من الأول، والشيء إذا أبهم، ثم أوضح؛ كان تفخيما لشأنه، فلما أراد ما أمل بلوغه من أسباب السموات، أبهمها، ثم أوضحها. وما في سورة الفاتحة ليس منك ببعيد. {فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى:} فأنظر إليه نظر مشرف عليه، توهم اللعين:

أن الله جسم تحويه الأماكن، وكان اللعين يدعي الألوهية، ويرى تحقيقها بالجلوس في مكان مشرف. هذا؛ و {أَسْبابَ} جمع: سبب، و {أَسْبابَ السَّماواتِ:} مراقيها، أو نواحيها، أو أبوابها. والسبب أيضا: الحبل، وما يتوصل به، إلى غيره. وقد جمع زهير بن أبي سلمى بينهما بقوله في معلقته رقم [٥٠]: [الطويل]

ومن هاب أسباب المنايا ينلنه... وإن يرق أسباب السماء بسلّم

{وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كاذِباً:} في دعوى الرسالة، أو في ادعائه إلها دوني، والظن هنا بمعنى:

اليقين؛ أي: وأنا أتيقن: أنه كاذب، وإنما أقول ما أقوله؛ لإزالة الشبهة عمن لا يتيقن ما أتيقنه.

{وَكَذلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ:} ادعاؤه الألوهية، وتعاليه في الأرض، وتمرده على ربه، وطغيانه، وفساده في الأرض. {وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ} أي: ومنع عن الطريق المستقيم، وهو الهدى، والإيمان بسبب سوء عمله. {وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ} أي: تدبير الكيد لموسى، وقومه، ومكره الذي اتخذه؛ ليدفع ما جاء به موسى من الحق المبين. {إِلاّ فِي تَبابٍ} أي: في خسران، وضلال، وضياع، وهلاك، ومنه قوله تعالى في سورة (المسد): {تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} وقوله تعالى في سورة (هود) على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام رقم [١٠٣]: {وَما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ}.

تنبيه: قرئ «(زيّن)» بالبناء للفاعل على أن الفاعل هو الله، وقرئ بالبناء للمجهول، على أن المزين هو الشيطان، ومن الأول قوله تعالى في سورة (النمل) رقم [٤]: {إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ}. ومن الثاني قوله تعالى في سورة (النمل) أيضا رقم [٢٤]:

<<  <  ج: ص:  >  >>