للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{أُولئِكَ مَأْواهُمُ النّارُ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (٨)}

الشرح: {أُولئِكَ}: الإشارة إلى المذكورين في الآية السابقة. {مَأْواهُمُ}: مقرهم ومصيرهم وانظر الآية رقم [٩٥] (التوبة). {بِما كانُوا يَكْسِبُونَ} أي: يعملون من الكفر والأعمال الخبيثة، هذا؛ والكسب عبارة عما يفيد جر منفعة، أو دفع مضرة، هذا هو الذي ينبغي للإنسان أن يكسبه من دنياه لآخرته، ولكن الكافرون والفاسقون يكسبون في دنياهم ما يوردهم جهنم في الآخرة، وبئس المصير.

الإعراب: {أُولئِكَ}: اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ، والكاف حرف خطاب لا محل له. {مَأْواهُمُ}: مبتدأ ثان مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر، والهاء في محل جر بالإضافة. {النّارُ}: خبر المبتدأ الثاني، والجملة الاسمية: {مَأْواهُمُ النّارُ} في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية: {أُولئِكَ..}. إلخ في محل رفع خبر {إِنَّ} في الآية السابقة {بِما،} والباء: حرف جر. (ما): تحتمل الموصولة، والموصوفة، والمصدرية، فعلى الأولين مبنية على السكون في محل جر بالباء، والجار والمجرور متعلقان بفعل محذوف، دل عليه الكلام، أي: جوزوا بالذي، أو بشيء كانوا يكسبونه، والعائد أو الرابط: محذوف، كما رأيت تقديره، وعلى اعتبار (ما) مصدرية تؤول مع الفعل بعدها بمصدر في محل جر بالباء، التقدير: بسبب كسبهم، والجار والمجرور متعلقان بالفعل الذي رأيت تقديره، هذا؛ ولا يصح اعتبار (ما) موصولة ولا موصوفة في الآية رقم [٤] كما رأيت هناك.

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنّاتِ النَّعِيمِ (٩)}

الشرح: {وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ}: الأعمال الصالحات على اختلاف أنواعها، وتفاوت مراتبها. {يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ} أي: يهديهم بسبب الإيمان إلى سلوك طريق يؤدي بهم إلى الجنة، أو يؤدي بهم لإدراك الحقائق، كما قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «من عمل بما علم ورّثه الله علم ما لم يعلم». وقال مجاهد: يهديهم على الصراط إلى الجنة يجعل لهم نورا يمشون به، وقال قتادة: بلغنا أن المؤمن إذا خرج من قبره يصور له عمله في صورة حسنة، فيقول له: من أنت؟ فيقول: أنا عملك، فيكون له نورا وقائدا إلى الجنة، والكافر بالضد فلا يزال به عمله حتى يدخله النار.

وقال ابن الأنباري: يجوز أن يكون المعنى أن الله يزيدهم هداية بخصائص، ولطائف، وبصائر ينور بها قلوبهم، ويزيل بها الشكوك عنهم. {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنّاتِ النَّعِيمِ}:

<<  <  ج: ص:  >  >>