للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مضارع فعل الشرط مجزوم، وعلامة جزمه حذف حرف العلة من آخره، وهو الياء، والكسرة قبلها دليل عليها، والفاعل يعود إلى: {مَنْ،} تقديره: «هو». {مِنْكُنَّ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من الفاعل المستتر العائد إلى: {مَنْ،} و (من) بيان لما أبهم فيها، والنون حرف دال على جماعة الإناث. {بِفاحِشَةٍ:} متعلقان بالفعل: (يأتي). {مُبَيِّنَةٍ:} صفة: (فاحشة).

{يُضاعَفْ:} مضارع مبني للمجهول جواب الشرط مجزوم. {لَهَا:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {الْعَذابُ:} نائب فاعل. {ضِعْفَيْنِ:} مفعول مطلق منصوب، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنه مثنى، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، وجملة:

{يُضاعَفْ..}. إلخ لا محل لها؛ لأنها جملة جواب الشرط، ولم تقترن بالفاء ولا ب‍ «إذا» الفجائية، وخبر المبتدأ الذي هو {مَنْ} مختلف فيه، فقيل: هو جملة الشرط. وقيل: هو جملة الجواب. وقيل: الجملتان، وهو المرجح لدى المعاصرين. والجملة الاسمية: {مَنْ..}. إلخ لا محل لها؛ لأنها مبتدأة مثل الجملة الندائية قبلها. {وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً:} انظر إعراب هذه الجملة في الآية رقم [١٩].

{وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنا لَها رِزْقاً كَرِيماً (٣١)}

الشرح: {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلّهِ وَرَسُولِهِ:} يطع، ويخضع؛ إذ القنوت: الخضوع، والطاعة، وطاعة الرسول إنما هي من طاعة الله. {وَتَعْمَلْ صالِحاً نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ:} مرة على الطاعة، ومرة على طلبهن رضا النبي صلّى الله عليه وسلّم. {وَأَعْتَدْنا:} هيأنا. {رِزْقاً كَرِيماً:} واسعا، والمراد به الجنة، وما فيها من النعيم المقيم لا ينتهي عدده، ولا ينقطع مدده، صاف عن كدّ الاكتساب، وخوف الحساب، لا منة فيه، ولا عذاب.

وإنما خص الله تعالى نساء النبي صلّى الله عليه وسلّم بتضعيف العقوبة على الذنب، والمثوبة على الطاعة لأمرين: أما الأول: فلأنهن يشاهدن من الزواجر الرادعة عن الذنوب ما لا يشاهده غيرهن، ولأن في معصيتهن إيذاء لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وذنب من آذى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أعظم من ذنب غيره، وأما الثاني: فلأنهن أشرف من سائر النساء لقربهن من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فكانت الطاعة منهن أشرف كما أن المعصية منهن أقبح. انتهى. جمل نقلا من كرخي.

بعد هذا ينبغي أن تعلم: أن الأعمال يضاعف ثوابها إن كانت صالحة، ويضاعف عقابها إن كانت سيئة، بالنسبة للأشخاص العاملين، وبالنسبة للزمان، وبالنسبة للمكان، فكلما علت منزلة العبد عند ربه، وارتفعت مكانته عنده، يضاعف له ثواب عمله الصالح، ويضاعف له عقاب عمله السيئ، وما ذكر في الآيتين دليل واضح على ذلك. والعمل الصالح في شهر رمضان، وغيره من

<<  <  ج: ص:  >  >>