للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليها، والغالب، والكثير أن تحذف الجملة المضافة إليها: {إِذْ} ويعوّض عنها تنوين: {إِذْ} مثل قوله تعالى في سورة الواقعة: {وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ}. {وَهَبْ:} فعل دعاء، والفاعل مستتر تقديره: أنت. {لَنا:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {مِنْ:} حرف جر. {لَدُنْكَ:} اسم مبني على السكون في محل جر ب‍ {مِنْ} والجار والمجرور متعلقان ب‍ ({هَبْ}) أو هما متعلقان بمحذوف حال من {رَحْمَةً} كان صفة له، فلمّا قدّم عليه صار حالا، والكاف في محل جر بالإضافة. {رَحْمَةً:} مفعول به، والآية الكريمة في محل نصب مقول قول الراسخين في العلم.

{إِنَّكَ:} حرف مشبه بالفعل، والكاف اسمه. {أَنْتَ:} فيه ثلاثة أوجه: الأول أن يكون توكيدا لاسم (إنّ) على المحل، والثاني: أن يكون ضمير فصل لا محل لها من الإعراب، وعلى هذين الوجهين ف‍ {الْوَهّابُ} خبر (إنّ) والثالث: أن يكون في محل رفع مبتدأ، و {الْوَهّابُ} خبره، والجملة الاسمية في محل رفع خبر (إنّ) والجملة الاسمية: {إِنَّكَ} إلخ تعليل للدعاء، وهي من جملة قول الرّاسخين أيضا.

{رَبَّنا إِنَّكَ جامِعُ النّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ (٩)}

الشرح: الآية الكريمة من بقية دعاء الراسخين في العلم، وذلك: أنّهم طلبوا من الله تعالى أن يثبت قلوبهم على الحقّ، وأن يمنحهم الهداية، والرّحمة، وذلك من مصالح الدين، والدنيا، ثم إنّهم أتبعوا ذلك بقولهم: {رَبَّنا إِنَّكَ جامِعُ النّاسِ..}. إلخ، ومعناه: إنّا نوقن إنك جامع الناس للجزاء في يوم القيامة، ونعلم: أنّ وعدك حقّ، لا شكّ فيه، وأنّك لا تخلف الميعاد. فهو كقوله في سورة (النساء) رقم [٨٧]: {اللهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثاً}.

هذا؛ و (الريب): الشكّ، تقول: رابني هذا الأمر، أي: أوقعني في ريبة، أي: في شكّ، وحقيقة الريبة: قلق النفس، واضطرابها، قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك».

أخرجه الترمذيّ، والنسائيّ عن الحسن بن عليّ سبط رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وريحانته، رضي الله عنه.

وقد يستعمل الرّيب في التّهمة، قال جميل بن معمر العذريّ: [الطويل] بثينة قالت يا جميل أربتني... فقلت كلانا يا بثين مريب

واستعمل أيضا في الحاجة، كما قال كعب بن مالك-رضي الله عنه-: [الوافر]

قضينا من تهامة كلّ ريب... وخيبر ثمّ أجمعنا السّيوفا

هذا؛ و {الْمِيعادَ} بمعنى الموعد، والوعد، ويحتمل الزّمان، والمكان، وأصله: موعاد.

قلبت الواو ياء؛ لسكونها، وانكسار ما قبلها. ومثله: ميثاق، وميزان... إلخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>