للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ. وإنما نسبوه إلى الجنون؛ لأنه صلّى الله عليه وسلّم كان يظهر عند نزول الوحي عليه ما يشبه الغشي، فظنوا أن ذلك جنون. وقيل: إن الرجل إذا سمع كلاما مستغربا من غيره، فربما نسبه إلى الجنون الذي هو زوال العقل، أو فساده. هذا؛ وقرئ {(نُزِّل)،} بالبناء للمجهول مع التشديد، وبالمعلوم مع التخفيف.

الإعراب: {وَقالُوا:} الواو: حرف استئناف. (قالوا): ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق. (يا): أداة نداء تنوب مناب أدعو. (أيها): نكرة مقصودة مبنية على الضم في محل نصب ب‍: (يا)، و (ها): حرف تنبيه لا محل له، وأقحم للتوكيد، وهو عوض من المضاف إليه. {الَّذِي:} اسم موصول مبني على السكون في محل رفع بدل من لفظ (أيها) وانظر إعراب {يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ} في الآية رقم [٨٨] من سورة (يوسف) عليه السّلام؛ إن أردت الزيادة. {نُزِّلَ:} ماض مبني للمجهول. {عَلَيْهِ:} متعلقان بالفعل قبلهما. {الذِّكْرُ:} نائب فاعل {نُزِّلَ،} والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها، والعائد الضمير المجرور ب‍: (على) {إِنَّكَ:} حرف مشبه بالفعل، والكاف اسمها. {لَمَجْنُونٌ:} خبر (إن)، واللام هي المزحلقة، والجملة الاسمية مع الجملة الندائية في محل نصب مقول القول، وجملة: {وَقالُوا..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.

{لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصّادِقِينَ (٧)}

الشرح: {لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ} أي: هلا تنزل علينا الملائكة ليصدقوك فيما تقول، ويعضدوك في دعوتك، فهو كقولهم في سورة (الفرقان) رقم [٧]: {لَوْلا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً،} أو تنزل علينا الملائكة للانتقام، والعقاب على تكذيبنا لك، كما أنزلت على الأمم الذين كذبوا رسلهم. {إِنْ كُنْتَ مِنَ الصّادِقِينَ} أي: في قولك: إنك نبي مرسل، وإن هذا القرآن من عند الله تعالى فائتنا بالملائكة، وانظر شرح (الملائكة) في الآية رقم [٢٥] من سورة (الرعد).

تنبيه: {لَوْ ما:} هنا حرف تحضيض، لا يليها إلا الفعل ظاهرا، أو مضمرا، والامتناعية لا يليها إلا الأسماء لفظا، أو تقديرا عند البصريين، قال ابن مالك رحمه الله تعالى في ألفيته: [الرجز]

لولا ولو ما يلزمان الابتدا... إذا امتناعا بوجود عقدا

واختلف في: {لَوْ ما} هل هي بسيطة أم مركبة، فقال الزمخشري: «لو» ركبت مع «لا» تارة، وتارة مع «ما» لمعنيين، وزعم المالقي: أن «لو ما» لا تأتي إلا للتحضيض، ويرده قول الشاعر: [الكامل]

لو ما الإصاخة للوشاة لكان لي... من بعد سخطك في رضاك رجاء

وقال ابن مقبل: [البسيط]

<<  <  ج: ص:  >  >>