للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها، والعائد محذوف، التقدير: الذي تمناه، أو الذي يتمناه، والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها، أو هي مستأنفة، لا محل لها على الاعتبارين.

{فَلِلّهِ:} (الفاء): حرف استئناف. (لله): متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {الْآخِرَةُ:} مبتدأ مؤخر.

{وَالْأُولى:} الواو: حرف عطف. (الأولى): معطوف على ما قبله فهو مرفوع مثله، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها.

{وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاّ مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللهُ لِمَنْ يَشاءُ وَيَرْضى (٢٦)}

الشرح: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ} أي: ممن يعبدهم هؤلاء، ويرجون شفاعتهم عند الله.

{لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً} المعنى: أن الملائكة مع علو منزلتهم، وكرامتهم على ربهم لا تنفع شفاعتهم شيئا؛ فكيف تقبل شفاعة الأصنام مع حقارتها، وصغارها؟! لأنها جمادات، لا تبصر، ولا تسمع، ولا تعقل شيئا. {إِلاّ مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللهُ:} في الشفاعة {لِمَنْ يَشاءُ وَيَرْضى} أي: من أهل الإيمان، والتوحيد. قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: يريد: لا تشفع الملائكة إلا لمن رضي الله عنه. وقيل: المعنى إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء من الملائكة في الشفاعة لمن شاء له الشفاعة. هذا؛ والاية هنا مثلها قوله تعالى في سورة (طه) رقم [١٠٩]: {يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً} هذا؛ والقول المرضي عند الله قول لا إله إلا الله مقرونا بالعمل الصالح، كما قد نبهت عنه مرارا. وقال في سورة (الأنبياء) رقم [٢٨]: {وَلا يَشْفَعُونَ إِلاّ لِمَنِ ارْتَضى}.

هذا؛ والشفاعة العظمى ثابتة للنبي صلّى الله عليه وسلّم في الموقف العظيم، وبعده، وشفاعة المؤمنين ثابتة بعد الحساب والجزاء، وإدخالهم الجنة في ذويهم وأصحابهم في الدنيا؛ الذين دخلوا النار لشؤم معاصيهم، وسوء أعمالهم. هذا؛ والشفاعة معناها: التوسل، وابتغاء الخير، والذي يكون منه التوسل يسمى: الشفيع، والشفاعة في الاخرة لا تكون إلا حسنة؛ لأنها لطلب الخير الخالص، وأما في الدنيا، فتكون حسنة، وأكثرها سيئة، فالشفاعة الحسنة هي التي روعي فيها حق مسلم، أو دفع بها عنه شر، أو جلب إليه خير، وابتغي بها وجه الله، ولم تؤخذ عليها رشوة، وكانت في أمر جائز، لا في حد من حدود الله، ولا في حق من حقوق الناس، والسيئة كانت بخلاف ذلك، والدستور في ذلك قول الله عز وجل في سورة (النساء) رقم [٨٥]: {مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها}.

تنبيه: «كم» اسم كناية يكنى به عن الكثير، والقليل، يعبر به عن كل معدود كثيرا كان، أو قليلا، وسواء في ذلك: المذكر، والمؤنث، فيجرى في ذلك مجرى كل، وأي، ومن، وما في

<<  <  ج: ص:  >  >>