الشرح:{إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً} أي: لحجة وعظة لمن أراد أن يستبصر بها، ويعتبر، فإنها جاءت على أنظم ترتيب، وأحسن تقرير، يتفطن المتأمل فيها لغزارة علمه؛ لما فيها من الإشارة إلى أصول العلوم الدينية، والتنبيه على دلائلها، وحسن دعوته للقوم، وحسن مخالفته معهم، وكمال إشفاقه عليهم، وتصور الأمر في نفسه، وإطلاق الوعد، والوعيد على سبيل الحكاية تعريضا، وإيقاظا لهم ليكون أدعى لهم إلى الاستماع، والقبول، والإشارة إلى ما ذكر من قصة إبراهيم، على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام. انتهى. بيضاوي بتصرف. {وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ:} أكثر قوم إبراهيم.
{مُؤْمِنِينَ:} مصادقين له. بل إنه لم يهاجر معه من العراق إلى فلسطين سوى زوجته سارة وابن أخيه لوط. كما تقدم ذكره في الآية رقم [٧١] من سورة (الأنبياء). هذا؛ وانظر إعراب الآيتين فيما تقدم برقم [٨] و [٩] وذلك بغية الاختصار، في الوقت، وغيره.
الشرح:{كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ} أي: كذبت جماعة قوم نوح. وقال البيضاوي: القوم:
مؤنث؛ ولذلك يصغر على: قويمة. وفي المصباح: القوم: يذكر، ويؤنث، فيقال: قام القوم، وقامت القوم، وكذا كل اسم جمع لا واحد له من لفظه، نحو رهط ونفر. انتهى. والتأنيث باعتبار معناه، والتذكير باعتبار لفظه، وإنما جمع المرسلين مع أن المرسل واحد وهو نوح كما هو نص الآية؛ لأن دين الرسل واحد، وأن الآخر منهم جاء بما جاء به الأول، فمن كذب واحدا منهم؛ فقد كذب جميع الرسل، فلذا صح الجمع هنا، وكذلك باقي قصص الأنبياء.
{إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ:} أخوهم في النسب لا في الدين؛ لأنه من عشيرتهم، وولد بينهم.
هذا؛ وإن أردت التوسع في قصة نوح مع قومه؛ انظر سورة (الأعراف) وسورة (هود) تجد ما يسرك، ويثلج صدرك. {أَلا تَتَّقُونَ} أي: تخافون الله، فتتركوا عبادة الحجارة والأوثان، وما لا يضر، ولا ينفع.
الإعراب:{كَذَّبَتْ:} فعل ماض، والتاء للتأنيث. {قَوْمُ:} فاعل، و {قَوْمُ} مضاف، و {نُوحٍ} مضاف إليه. {الْمُرْسَلِينَ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، وجملة:{كَذَّبَتْ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. {إِذْ:} ظرف لما مضى من الزمان، مبني على السكون في محل نصب متعلق بالفعل:{كَذَّبَتْ}. {قالَ:} فعل ماض. {لَهُمْ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما.
{أَخُوهُمْ:} فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمة؛ لأنه من الأسماء الخمسة، والهاء