سورة (فاطر) وتسمى سورة الملائكة، وهي مكية بالإجماع، وهي خمس وأربعون آية، وتسعمائة وسبعون كلمة، وثلاثة آلاف ومائة وثلاثون حرفا، وسميت سورة (فاطر)، لذكر هذا الاسم الجليل، والنعت الجميل في طليعتها؛ لما في هذا الوصف من الدلالة على الإبداع، والاختراع، والإيجاد لا على مثال سبق، ولما فيه من التصوير الدقيق المشير إلى عظمة ذي الجلال، وباهر قدرته، وعجيب صنعه، فهو الذي خلق الملائكة، والسموات، والأرض، وأبدع خلقهم بهذا الخلق العجيب، وقد ورد هذا اللفظ في كثير من آيات القرآن.
الشرح:{الْحَمْدُ لِلّهِ} أي: الثناء الكامل، والذكر الحسن مع التعظيم، والتبجيل لله جل، وعلا، وانظر شرح {الْحَمْدُ} في الآية رقم [١٥] من سورة (النمل). {فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} أي:
خالقهما، ومبتدعهما على غير مثال سبق. هذا؛ والفطر: الشّق عن الشيء، يقال: فطرته، فانفطر. قال تعالى:{السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ}. ومنه فطر ناب البعير: طلع، فهو بعير فاطر، وتفطّر الشيء: تشقق، وسيف فطار، أي: فيه تشقق، قال عنترة:[الوافر] وسيفي كالعقيقة فهو كمعي... سلاحي لا أفلّ، ولا فطارا
والفطر: الابتداء، والاختراع. قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: كنت لا أدري ما {فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر، فقال أحدهما: أنا فطرتها، أي: أنا ابتدأتها. والفطر: حلب الناقة بالسبابة والإبهام. والمراد بذكر السموات، والأرض العالم كله.
ونبه بهذا على أنّ من قدر على الابتداء قادر على الإعادة، وانظر الآية رقم [٢٢] من سورة (الروم)، وقد جمع بعضهم معاني هذه المادة على اختلافها، فقال:[الرجز] الابتدا والابتداع فطر... والصدع والغمز وأمّا الفطر